24 ساعة-عبد الرحيم زياد
يستمر الخلاف حول قضية الصحراء في إثارة الجدل بين المغرب والجزائر، حيث يتبنى كل طرف رؤية مغايرة للحل، تعكس ليس فقط اختلافات في المقاربة السياسية، بل أيضًا تناقضات عميقة في الأجندات الإقليمية. فمن جهة، يصر المغرب على أن الحل الوحيد الممكن يكمن في مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه سنة 2007، وهو المقترح الذي وصفته عدة عواصم غربية بـ”الجاد والواقعي والموثوق”.
ومن جهة أخرى، تتمسك الجزائر بدعوتها إلى إعادة إحياء مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو، معتبرة أن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان ما تصفه بـ”حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير”.
في هذا السياق، أكد ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، خلال لقائه مع المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، أن مخطط الحكم الذاتي يبقى الخيار الوحيد القابل للتطبيق، مشددًا على دعم هذا الموقف من قبل دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا. في المقابل، جددت الجزائر، في 7 أبريل 2025، عبر تصريحات وزير خارجيتها أحمد عطاف، تمسكها بالمفاوضات المباشرة بين المغرب والبوليساريو “دون شروط مسبقة”، معتبرة أن ذلك يتماشى مع “الشرعية الدولية” في مسائل تصفية الاستعمار.
الجزائر: من الوسيط المزعوم إلى الطرف المتورط
رغم أن الجزائر تقدم نفسها كدولة جارة ومراقب محايد، فإن تورطها العميق في هذا النزاع لا يمكن إنكاره. فهي توفر لجبهة البوليساريو الإنفصالية. دعمًا سياسيًا وماليًا وعسكريًا متواصلاً منذ عقود، وتستضيف قياداتها على أراضيها، مما يجعلها طرفًا فاعلاً وليس مجرد مراقب. هذا الدعم الموثق يكشف تناقضًا صارخًا بين صورتها المروجة كوسيط نزيه وبين واقع تدخلها المباشر، مما يثير تساؤلات حول مصداقية موقفها.
موقف أيديولوجي جامد يعيق الحل
تعتمد الجزائر خطابًا متجذرًا في أيديولوجيا العالم الثالث التي سادت في سبعينيات القرن الماضي. متمسكة بخيار الاستفتاء. رغم الشكوك المتزايدة حول جدواه السياسية والتقنية. هذا التمسك يتناقض مع التطورات الدبلوماسية الحديثة، حيث بات مخطط الحكم الذاتي المغربي. يحظى بتأييد واسع من دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا والإمارات، التي ترى فيه حلاً عمليًا ومستدامًا. يرى مراقبون أن هذا الجمود الجزائري لا يعكس رغبة حقيقية في السلام بقدر ما يعبر عن رفض رؤية المغرب يعزز نفوذه في المغرب العربي.
تناقضات الدبلوماسية الجزائرية
في الوقت الذي تنتقد فيه الجزائر ما تعتبره “انحيازًا” غربيًا للموقف المغربي. تمارس ضغوطًا مكثفة على المحافل الدولية لفرض رؤيتها، رافضة في الوقت ذاته الجلوس إلى طاولة المفاوضات كطرف مباشر. هذا السلوك، الذي يوصف بالعرقلة. يضعف مصداقيتها ويعزز عزلتها أمام الدول المؤثرة، حيث تتجاهل متطلبات الواقعية والاستقرار التي تحكم التسويات الكبرى في العصر الحديث.
حوار إقليمي مشلول برعاية الجزائر
تظل قضية الصحراء رهينة لتوترات ثنائية غير معلنة بين المغرب والجزائر، حيث تستخدم الأخيرة هذا الملف كأداة للضغط الدائم. مما يحرم شعوب المنطقة من فرص التعاون والتنمية.
وفي ظل هذا الوضع. يبدو أن جهود ستافان دي ميستورا لاستئناف المفاوضات ستبقى محدودة ما لم يتم فتح حوار صريح يشمل الجزائر كطرف أساسي. فالعقبة الحقيقية تكمن في الجمود الفكري لمن يعتبرون التعنت مرادفًا للثبات الدبلوماسي.