24ساعة-متابعة
حذر الباحث في علم الاجتماع علي الشعباني من خطورة الاعتداءات المتكررة على رجال ونساء التعليم في المغرب، معتبرا أن ما وقع أخيرا في مدينة أرفود، حيث تم الاعتداء على أستاذة وقتلها، يعد دليلا صارخا على وجود آفة اجتماعية تهدد المنظومة التعليمية في عمقها، وتنذر بانهيار منظومة القيم والأخلاق في المجتمع.
وأوضح الشعباني في تصريحه لـ”24 ساعة”، أن غياب التقدير والاحترام لهيئة التدريس وتعرضهم للإهانات والاعتداءات يشير إلى تلف هذه المنظومة التعليمية، ويؤكد أن المؤسسة التربوية أصبحت عاجزة عن أداء دورها في بناء الإنسان وصيانة كرامته.
وشدد المتحدث، على أن التعليم، شأنه شأن باقي المؤسسات، هو بنية تهدف إلى تنمية الإنسان وإعداده للاندماج في مجتمع راق، وإذا انهارت هذه المؤسسة، فذلك يعني انهيار المجتمع بأكمله.
وأضاف، أن خطورة هذه الظاهرة لا تكمن فقط في الحادثة المفجعة التي وقعت في أرفود، بل أيضا في تكرار مثل هذه الاعتداءات، وفي إمكانية حدوث ما هو أعنف مستقبلا، مما يجعل ممارسة مهنة التدريس محفوفة بالمخاطر وغير جاذبة، سواء في القطاع العام أو الخاص.
وفي ظل هذا الواقع، أشار الشعباني، إلى أن المجتمع المغربي، مهدد بالانزلاق نحو الجهل والتخلف والانحطاط، مما يجعله عرضة للهجومات الثقافية والفكرية والسياسية، دون القدرة على الدفاع عن ذاته.
كما أكد المصدر ذاته، أن هذه الظاهرة لم تنشأ من فراغ، بل هي نتاج مباشر لانهيار القيم وتدهور الأخلاق، وانحسار مبادئ الاحترام والتقدير في البيوت والمجتمع، إضافة إلى ضعف الدولة في حماية رجال التعليم والدفاع عنهم.
وانتقد بشدة السياسات الرسمية المجحفة، والتي أسهمت في إضعاف المدرسين من خلال تدني الأجور، وتهميش المكانة الاجتماعية، وإصدار مذكرات ودوريات تقيد المدرس داخل المؤسسة وخارجها، وتمنعه من أداء رسالته التربوية على أكمل وجه.
واعتبر الباحث أن هذه القرارات هي التي فتحت المجال أمام فئات منحرفة وفاشلة وأحيانا غبية، على حد تعبيره، للتطاول على الأساتذة والمربين، في ظل تواطؤ بعض الأسر، والمؤسسات، وحتى بعض الجمعيات التي تدعي الدفاع عن حقوق الطفل والإنسان، دون أن تراعي مبدأ التوازن واحترام العاملين في الحقل التربوي.
وأشار الشعباني إلى أن هناك عددا كبيرا من المدرسين أصبحوا غير قادرين على أداء مهامهم بسبب التهديدات والانحرافات المتسللة إلى الوسط التعليمي، ما ينذر بمستقبل أسوأ، داعيا الدولة إلى التوقف فورا ومراجعة هذه الاختلالات.
وخلص الباحث علي الشعباني إلى أن المجتمع المغربي لن يتمكن من مجاراة المجتمعات الأخرى، ولا من حماية مقوماته وقيمه وهويته الحضارية، إذا استمرت هذه الظواهر دون تدخل عاجل وحازم.