الأم التي تعوي في بني ملال أمام الكاميرا كحيوان جريح، لا يمكن أن تؤلف الأقاصيص…
السيدة التي تصرخ وتنوح ويعتصر الألم صوتها، لا يمكن أن تكذب…
الطفلة التي اغتصبت مرات متكررة من كل فتحات جسدها البريء لا يمكن أن تختلق الأحداث…
أخذوها من بيتها البارد – كما يحكي الأب الملتاع – وتناوبوا عليها، هم الأربعة، كالوحوش المسخ ولا أقول كالحيوان، فلشهوة الحيوان حرمة كرستها الطبيعة منذ آلاف السنين…
هل تركوها تستعيد شهقتها بين وصلات الانتهاك المبرمج؟
هل رأف قلب أحدهم أمام رعبها وصفرة وجهها وارتعاش يديها وانسياب الدم من حرمة الجسد المستباح؟
هل تصوروا وهم يطئون جسدها الهش ويُرزحونه تحت كلكلهم اللزج بكل الروائح العطنة من مخلفات الخمر الرخيص، هل تصوروا أن تمرَّغ أخواتهم وأمهاتهم وبناتهم في نفس الرغام لعلهم يرعوون ويوقفون فصول الجريمة الرعناء؟
اثنان منهما فقط أدينا بسنتين سجنا لا غير، وأطلق سراح الباقي…
سيكون من بيننا من يتجرأ ليقول بكلام يشبه الفحيح: ربما الصبية هي التي استفزتهم، ربما كان لباسها غير محتشم بما فيه الكفاية…
قليلون للأسف من سوف ينصتون للعواء الجريح النابع من حنجرة مغتصبة، لم تعد تستطيع النطق بشيء، ربما للأبد…
قليلون من سوف يعترفون أن العقلية عند ذكورنا – ولا أقول رجالنا – تعتبر النساء غاوياتٍ ومستدرِجاتٍ للجنس بالطبيعة، وبالتالي مذنِباتٍ بالقوة قبل أن يكنَّ مذنبات بالفعل،
قليلون من سوف ينصتون لصرخات المغتصَبَات الجريحات في أرواحهن وأجسادهن،
أما الأغلبية منا فلن يتحركوا حقا إلا في حالة واحدة وهي – لا قدر الله – إن كانت الضحية أختا أو زوجة أو قريبة… وحتى في هذه الحالة فهم ربما لن ينتفضوا ضد الظلم الذي لحق الضحية المغتصبة بقدر ما سوف ينتفضون للأذى الذي لحق شرفهم هم باعتبارهم أقرباء…
لا زلت أذكر حالات الطلاق التي تعرضت لها نساء بسبب جريرة كونهن كنَّ ضحايا للاغتصاب…
كم من الطريق لا يزال أمامنا في هذا المدى السحيق..