الدار البيضاء-أسماء خيندوف
تمثل مراجعة مدونة الأسرة في المغرب خطوة هامة نحو مواكبة التحولات الاجتماعية المتسارعة، حيث تسعى إلى تحقيق توازن بين المتطلبات الحديثة للمجتمع والنصوص الشرعية. ومنذ إقرارها في عام 2004، شهدت المدونة العديد من التطبيقات التي أثارت نقاشات واسعة حول مدى قدرتها على تلبية احتياجات الواقع المغربي المتغير، خصوصا فيما يتعلق بحقوق المرأة والطفل وتعزيز مبدأ المساواة داخل الأسرة.
في هذا السياق أكدت عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة السابقة، وعضو الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، أن مراجعة مدونة الأسرة لعام 2024 تتضمن مجموعة من المقترحات التي تهدف إلى تعزيز التوازن والاستقرار داخل الأسرة المغربية.
وأوضحت عواطف حيار في حوار مع موقع “لوماتان تيفي”، “أن الإصلاح يجب أن يفهم في سياق شامل لا يقتصر على المواقف التقليدية مثل “مع أو ضد” مدونة معينة. وشددت على أنه : “يجب أن نطرح السؤال الأهم: ما هو المستقبل الذي نرغب فيه؟ وما نوع الأسرة التي نريدها في ظل التحديات الكبرى مثل الذكاء الاصطناعي، والتغيرات التكنولوجية، والأزمات المناخية والاجتماعية؟”. وأكدت أن المدونة يجب أن تصاغ وفق هذه الأسئلة الجوهرية التي تستشرف المستقبل، بهدف تحقيق أسرة تتماشى مع التحولات المتسارعة في العالم المعاصر”.
وأوردت الوزيرة السابقة إلى أن الإصلاحات الجارية تهدف إلى تعزيز صمود الأسرة المغربية في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة مشيرة إلى أن هذه التغييرات تأخذ بعين الاعتبار التحولات التي يشهدها المجتمع المغربي، وتعكس حرصا على ضمان استقرار العلاقات الأسرية وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع أفراد الأسرة.
وتابعت حيار حديثها قائلة: “الفلسفة التي قادت أعمالنا هي فلسفة الرسالة الملكية، التي كانت واضحة ووضعت لنا إطارا دقيقا للعمل”. كما شددت حيار على أن المراجعة لا تقتصر على تعديل النصوص القانونية فقط، بل تتعدى ذلك لتشمل التغييرات الاجتماعية العميقة التي تؤثر على حياة الأسر المغربية. وقالت: “المقترحات المطروحة لا تمس بالثوابت الدينية، بل تركز على الحقوق المدنية التي تحافظ على توازن الأسرة وتجنب تفكك المجتمع”.
وفيما يتعلق بالنقاش العام حول المدونة، اعتبرت حيار أن اختصار النقاش إلى قضايا مثل الميراث وزواج القاصرات يقلل من أهمية الإصلاحات الجوهرية التي يتم العمل عليها مؤكدة على أن التركيز فقط على هذه القضايا يحجب الإصلاحات الأساسية التي تهدف إلى تحسين وضع المرأة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وحماية حقوق الأطفال ضمن إطار قانوني يواكب التحولات الاجتماعية والاقتصادية السريعة.
وتطرقت حيار إلى عدد من النقاط الهامة في الإصلاحات، مثل توثيق الخطبة بين الرجل والمرأة قبل الزواج، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تعالج مشاكل عدة كانت تحدث في حالات الحمل خلال فترة الخطبة في إطار مشروع زواج قد لا يكتمل، ما يخلق وضعية صعبة للمرأة في إثبات البنوة. وأوضحت أن توثيق الخطبة في المستقبل سيجعل إثبات هذه الأمور أسهل.
وخلصت عضو الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى أن الهدف الرئيسي من مراجعة المدونة هو تحقيق توازن بين تطلعات المجتمع المغربي والواقع المعاصر، مشيرة إلى أن الإصلاحات تسعى إلى مراعاة التحولات العالمية الحالية بما يتماشى مع تطلعات المجتمع ويواكب العصر.