أسامة بلفقير – الرباط
هدوء دبلوماسي و”ماكينة” خبراء ورجال يشتغلون بعيدا عن الأضواء، يسير المغرب بثقة. نحو موعد التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي. القاضي بالتمديد لبعثة “مينورسو” في الصحراء المغربية. بعد الانتهاء من النقاش الذي يعرفه تقرير الأمين العام أنتونيو غوتيريش حول الوضع في المنطقة.
هذا التقرير حمل مجموعة من المستجدات التي تحيل على تحولات عميقة في رؤية المنتظم الدولي لهذا الملف. بل ويشكل غطاء للشرعية الدولية لوضع ميداني نجح المغرب في بسطه على أرض الواقع، منهيا أسطورة “الأراضي المحررة”. والتي كانت تستعملها ميليشيات البوليساريو كورقة لادعاء انتصارات وهمية.
حقيقة وجود ”حرب”
إن قراءة عامة للتقرير، قبل الغوص في التفاصيل، تقود إلى قناعة مفادها وجود اعتراف أممي. بالتعامل المسؤول للمغرب مع الهيأة الأممية والبعثة المتواجدة في المنطقة. سواء تعلق الأمر بتبليغ مختلف العمليات التي يقوم بها الجيش المغربي. أو اللقاءات المباشرة مع المسؤولين العسكريين والمدنيين بالمملكة. في إجار التواصل الدائم، وهو الأمر الذي لم يتحقق مع الجانب “الميليشياوي” الذي بات يهدد حتى تحركات البعثة.
أكثر من ذلك، فإنه خلافا لبلاغات المليشيات، التي وصلت أمس إلى 659, يعترف التقرير بتراجع وتيرة العمليات العسكرية منذ شهر يناير. لكن المثير في ذلك، هو المعطيات التي قدمها الجيش المغربي. إذ في الوقت الذي أشار الجانب المغربي إلى تعرض مواقعه ل691 استهداف من طرف هذه المليشيات. يلاحظ أن هذه الهجمات تتركز في 64% منها في منطقة المحبس، الواقع في القسم الشمالي للجدار الأمني. فماذا يعني ذلك؟
أولا، لابد ان نشير إلى أن المحبس هي أقرب نقطة بين الأراضي المغربية والحدود الجزائرية. حيث لا تبعد تندوف عن المنطقة إلا بحوالي 80 كلم.
في حين يلاحظ غياب شبه كامل على باقي المساحات الشاسعة من المنطقة العازلة الواقعة تحت سيادة المغربية، وهو تحول عسكري جد مهم يؤكد انتهاء أسطورة الأراضي المحررة، بل ووضعا ميدانيا جديدا، مدعوما بالشرعية الدولي.
وهذا الوضع الميداني الجديد أنهى مرحلة كانت فيها قيادات وعساكر الجبهة الانفصالية يتحركون في مساحات واسعة. بل ويصلون حتى إلى سواحل الكويرة المغربية من أجل التقاط الصور قبل أن يعودوا إلى المخيمات.
لكن منذ العملية التي قادها المغرب، تم قطع الطريق بشكل كامل على مثل هذه التحركات. وبات الجيش المغرب يضرب بقوة ضد كل من سولت له نفسه خرق مجال خاضع للسيادة المغربية.
الخطب الملكية والاستثمار في الصحراء
كل هذه التحولات، والتي نقرأها في سياق تقرير أنتونيو غوتيريش وما حمله من بنود وإشارات مهمة. من قبيل الخطب الملكية والعملية الانتخابية. إضافة إلى المشاريع والاستثمارات في الصحراء المغربية وغيرها من المواقف المهمة. وجب اليوم ترصيدها كمواقف ثابتة لدى شركاء المغرب، لاسيما في ظل الدعم الأمريكي وحتى الأوروبي المعبر عنه من طرف عدد من الدول لمشروع الحل الذي قدمته المملكة، المتمثل في الحكم الذاتي.
فكما نجحت الدبلوماسية المغربية في هذه المحطة، بإمكانها أن تنجح في مختلف المعارك. التي تقودها على أكثر من جبهة دفاعا عن سيادة المملكة.