24ساعة-متابعة
سافرت الطقوس الصوفية للمحيط الهندي “الديبا” لنساء مايوت من جزر القمر، و”فرقة الأريج الصوفية” من سلطنة عمان، بجمهور حديقة جنان السبيل بفاس، السبت، في سفر روحاني فريد.
وافتتحت فرقة الأريج من سلطنة عمان، بقيادة عمر البريكي، هذه الأمسية حيث قدت المجموعة ريبيرتوارا بعنوان “صوت الأجداد”، أُعد خصيصا لهذه النسخة من المهرجان المنظمة تحت شعار “انبعاثات”.
واستمتع الجمهور الحاضر بألحان من التراث العماني الأصيل، ابتدأت بمقام “الصبا”، ثم تنقلت عبر مقام “البياتي”، لتنتهي بمقام “سيكا”.
وساهم هذا الحفل في إبراز فن “المالد”، وهو تقليد صوفي متجذر في الحياة اليومية العمانية، حيث يدخل “الهُويم” (المؤدي) في حالة من الوجد عبر حركات جسدية وتعابير الوجد (الهُيام)، ترمز إلى استخراج الكنوز من الأرض لنشرها في شكل نور وتواصل روحي.
بعد ذلك، اهتزت الساحة على إيقاعات ورقصات “الديبا” من مايوت، التي أدتها فرقة “مدرستي توياريا” من متسانغادوا. ويعد هذا الفن، المستمد من الذكر، احتفالاً تقليدياً بمولد النبي المصطفى عليه الصلاة السلام ، من خلال الأناشيد والرقصات.
وتعود أصول فن “الديبا”، الذي يُعادل “القصيدة الصوفية المغناة” في أرخبيل جزر القمر، إلى كتابات عبد الرحمن بن علي الديبعي، عالم من القرن الخامس عشر.
وقامت بأداء هذا الإبداع مجموعة من النساء الشابات، يرتدين أقمشة ملونة وزينة ذهبية، حيث عبرن من خلال اهتزاز رؤوسهن وإيماءات موحدة، وحركات انسيابية بالأيدي، عن الحركة الدائرية المهدئة لأمواج المحيط، من خلال تمايل الأجساد بإيقاع الآلات الإيقاعية، وارتفاع الأيدي نحو السماء.
وكانت إحدى أقوى لحظات الأمسية العرض الذي جمع الفرقتين الفنيتين الذي أتاح للجمهور تجسيدا بليغا لموضوع “انبعاثات” ، مبرزاً قدرة التقاليد المقدسة على الحوار، والتلاقح في تعبير فني مشترك ومنسجم مع روح مهرجان فاس.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أفاد قائد فرقة الأريج من سلطنة عمان، عمر البريكي، بأن العرض المقدم خصيصا بمهرجان فاس متجذر في التراث العماني.
وأوضح البريكي أن “الحركات المستخدمة في العرض هي تعبير عن الإنسان العماني الذي يعمل في الزراعة، في الحفر، ويضرب الأرض لاستخراج كنوزها المخبأة ويقدمها للناس على شكل ثمار نستهلكها”.
وتجمع نسخة 2025 من هذا الحدث العالمي الاستثنائي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يشكل جسرا حقيقيا بين الثقافات والديانات، أزيد من 200 فنان من 15 بلدا، استمرارا لروح مدينة فاس باعتبارها حاضرة تاريخية كانت على مر الدوام ملتقى للمعرفة والروحانية.