حاورها- محمد أسوار
تحتفل نساء العالم، في 8 مارس من كل سنة، بعيدهن الأمم، وهو حدث مرتبط في الذاكرة التاريخية، باحتجاجات نسائية عمالية، تعود لسنة 1908، حين خرجت أزيد من 15 ألف امرأة، في شوارع نيويورك، للمطالبة بتحسين ظروف العمل والزيادة من الأجور والمطالبة بحق التصويت.ومنذ ذلك الحين، صار يوم ثامن من شهر مارس، عيدا عالميا للمرأة.
وبهذه المناسبة، وللوقوف حول ما تحقق للمرأة المغربية، خلال العقدين الماضيين، في ظل عهد الملك محمد السادس، حاورت جريدة ”24 ساعة” الإلكترونية الناشطة السياسية وعضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والنائبة البرلمانية السابقة، فتيحة سداس.
ماذا تحقق للمرأة المغربية طيلة عهد الملك محمد السادس الممتد لأزيد من 22 سنة؟
سداس: أعتقد أن الحركة النسائية المغربية بطيفها السياسي والحقوقي، لعبت دورا كبيرا في المطالبة بتغيير الكثير من القضايا المتعلقة بحقوق النساء كان أبرزها النضال الطويل من أجل تغيير مدونة الأحوال الشخصية، حتى تم التصويت في البرلمان على قانون الأسرة و هو ما اعتبر ثورة هادئة عالجت الكثير من القضايا التي كانت تعاني منها المرأة المغربية، و انتقلنا من نص كان يعتبر مقدسا إلى مشروع قانون مثل كل القوانين. كما أن النضال من أجل التواجد في مراكز القرار السياسي، كان أحد المطالب الأساسية للحركة النسائية المغربية.
أرى أن الكثير من القضايا الأساسية التي واصلت من أجلها الحركة النسائية بالمغرب، لقيت تفاعلا كبيرا من صاحب الجلالة الملك محمد السادس؛ ثم إرادة سياسية حقيقية سنة 2002، من طرف حكومة عبد الرحمان اليوسفي ، و التي أفرزت سنة 2002 اللائحة الوطنية والتي مكنت من وجود نسبة مهمة من النساء في البرلمان لأول مرة، وانتقلنا من تمثيلية نسائية، سنة 1997 ، من 0,5% إلى تقريبا 12% . و قد تجاوزت في الا نتخابات التشريعية شتتبر 2021 24 % 95 مقابل 81 برلمانية في 2016 كما انتقلنا أيضا، في انتخابات الجماعات المحلية من 21.8 في المائة سنة 2015 نحو 26.64 في المائة سنة 2021، و لكن مطمح الثلث في أفق المناصفة لم نصل له بعد، و لا يبدو أننا نقترب من تحقيقه.
لا يجب أن ننسى أيضا مسألة في غاية الأهمية وهو دستور المملكة لسنة 2011 و الفصل 19 منه حيث تمت دسترة قضية المناصفة و المساواة بين الرجال والنساء، و الحث على تفعيلها وهذه المسألة دفعت الحكومة وكل أصحاب القرار إلى السير نحو تفعيل مبدأ المناصفة وتكافؤ الفرص، التي كان صاحب الجلالة يدعو إليها في خطاباته المتعددة، ويعبر عن أهمية دور المرأة في المجتمع، لتحتل المكانة التي تليق بها.
المسألة الثالثة التي أعتبرها أيضا لديها رمزية، في حين أن البعض يراها ”هدية” وأنا أراها إشارة سياسية، وهي أن الملك محمد السادس، فتح المجال للمرأة في الدروس الحسنية، لتلقي درسا أمام جلالته في مناسبات متعددة،
المسألة الرابعة والتي أعتقد أنها بدورها مهمة، هي تعيين نساء في منصب والي، كما تم تعيين نساء في منصب عامل، كما نجد اليوم النساء في مناصب سفيرات للمغرب في عدة دول، و أيضا في منصب قنصل، وكل سنة يزداد عدد النساء في هذه المناصب.
أعتقد أن هناك دعما وحرصا ملكيين على أن تحتل المرأة المكانة التي تليق بها و بالأدوار التي تلعبها في المجتمع كفاعل أساسي في التنمية المستدامة، دون أن ننسى أن هناك مسألة مهمة تتتظرها جل نساء المغرب وتنتظرها الفعاليات السياسية والحقوقية ، والتي هي هيأة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة، والتي صدر بشأنها قانون ونحن ننتظر خروجها إلى حيز الوجود ، كي تلعب الأدوار المهمة المنوطة بها لضمان تحقيق المساواة بين النساء والرجال في كل المواقع.
إلى أي مدى تحقق مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، الذي ظل على الدوام مطلبا أساسيا للحركات النسائية؟
سداس: سنكون ناكرات للجميل، كفعاليات نسائية وكمناضلات، إذا قلنا أنه لم يتحقق شيئا للمرأة المغربية.. هناك العديد من المكاسب تحققت، كنا نحلم بها في مرحلة السبعينات الثمانينات؛ لكن لا زال مطلب تحقيق المساواة الحقيقية بعيد المنال ، لأن المساواة في الحقوق و الواجبات هي ركائز الدولة الدولة القوية في تحقيق التنمية المستدامة. هناك عمل جبار ينتظرنا جميعا لتغيير العقليات، و كل القوانين المجحفة في حق النساء
كما أن قانون العنف ضد المرأة، الذي ناضلنا من أجله لسنوات طويلة، لكنه مع الأسف، حين خرج إلى حيز الوجود، لم يكن في مستوى تطلعاتنا كنساء، و هذا يتطلب إخراج قانون جديد خاص بالعنف بديباجة واضحة ، لأن العنف يكلف الدولة ملايير الدراهم، بالإضافة إلى الأضرار البليغة التي يخلفه.
هناك مطلب تم تحقيقه و البعض يعتبره اجتماعي، و له بعد سياسي، وهو تمكين النساء السلاليات من الاستفادة من أراضي الجموع . مسألة أخرى تعتبر طبية اجتماعية، وهي حل قضية ما يسمى بالإجهاض السري، و الذي فتح الباب أمام توقيف الحمل حفاظا على صحة المرأة، أو ما قد ينتج عنه من تشوهات في الجنين، أو إذا كان هناك حمل ناتج عن اغتصاب، وهناك أيضا زواج القاصرات، حيث لم نستطع بعد تجاوز المعضلة، رغم وجود نص قانوني يمنع ذلك، لأن البنت التي تبلغ 14 أو 15 سنة أو أقل، مكانها المدرسة وليس بيت الزوجية وإنجاب الأطفال. هناك أيضا حرمان القاصرات، في العالم القروي من الدراسة، لأن الأسرة ترى فيها مجرد فتاة ” ممكن تعاون في البهايم وف الرعي و الأشغال المنزلية، لذلك يتم منعهم من مواصلة الدراسة، مما يعد إجحافا كبيرا في حقهن، لذلك لا بد من الدولة أن تلعب دورا كبيرا من أجل أن تُتمكن الفتيات القرويات من إتمام دراستهن لكي يلعبن أدوراهن الطلائعية في المجتمع كمثلاتهن في المدن.
خلاصة القول أن هناك خطوات إيجابية تحققت، لكن بنضالنا ومثابرتنا ويقظة المجتمع المدني والمنظمات النسائية الحزبية، أعتقد أننا سنحقق المزيد من المكتسبات، التي ستجعل البلاد تتمتع بالأمن الاستقرار.
08 مارس ماذا تمثل للنساء المغربيات في مختلف مناصب المسؤولية هذه المناسبة ؟
سداس: ما يمكن أن أقوله، باختصار، أن حقوق النساء، تضيع في زمن الحروب والأزمات، من يؤدي الفاتورة هن النساء، ما أتمناه بهذه المناسبة؛ هو الخفاظ على المكتسبات تحقيق المزيد منها؛ كما أتمنى لكل نساء العالم، السلام والطمأنينة وراحة البال والعيش بحرية وكرامة وعدالة.