الرباط-عماد المجدوبي
يواجه مواطنان فرنسيان عقوبة الإعدام في المغرب، حيث لا تزال هذه العقوبة قائمة قانونيًا، على الرغم من أن تطبيقها محدود بحكم الواقع.
وكشفت الجمعية الفرنسية “معًا ضد عقوبة الإعدام” (ECPM)، أن هناك ما لا يقل عن أربعة فرنسيين “محكوم عليهم بالإعدام حول العالم: رجلان في المغرب، وواحد في الصين، وامرأة في الجزائر”، وفقًا لما ذكرته قناة ”RTL”.
لم يلغِ المغرب عقوبة الإعدام قانونيًا. فما زال قانون العقوبات المغربي ينص على عقوبة الإعدام لجرائم خطيرة مثل القتل المشدد، التعذيب، السطو المسلح، الحرق العمد، الخيانة…، ومع ذلك، تظل عملية تنفيذ هذه الأحكام محدودة للغاية، وذلك بسبب الوقف الفعلي لتطبيقها واللجوء المتكرر إلى العفو الملكي.
في أبريل 2024، أصدرت منظمات مغربية مناهضة لعقوبة الإعدام تقريرًا استقصائيًا بالتعاون مع اللجنة الأوروبية لمناهضة عقوبة الإعدام.
في التقرير، دعت المنظمات الدولة المغربية إلى الالتزام الفعلي بإلغاء عقوبة الإعدام في البلاد. كما عبرت المنظمات عن قلقها إزاء وضع المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب، وحثت على تحقيق تقدم ملموس نحو إلغاء هذه العقوبة.
وقدمت أمس النائبة البرلمانية فاطمة التامني عن “فدرالية اليسار الديمقراطي” مقترح قانون إلى مجلس النواب يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب، في خطوة من شأنها أن تدفع المملكة نحو التوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وجاء في ديباجة المقترح أن الدستور المغربي في فصله العشرين ينص على أن “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، ويحمي القانون هذا الحق”. وأكدت التامني أن المقترح ينسجم تماماً مع المواثيق الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يعتبر الحق في الحياة أصيلاً وملازماً للوجود البشري.
وأشارت التامني إلى أن العالم يتجه بثبات نحو طي صفحة عقوبة الإعدام. وفي دجنبر 2024، اتخذ المغرب خطوة تاريخية بتصويته لأول مرة لصالح قرار الأمم المتحدة الداعي إلى وقف عالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام. اعتبرت الفدرالية هذه الخطوة إيجابية، لكنها شددت على أنها تظل موقفاً مبدئياً لا يكتمل إلا بتغيير التشريعات الداخلية، منتقدةً التناقض بين التزامات المغرب الأخلاقية على الساحة الدولية وواقع قوانينه الجنائية.
وشددت النائبة البرلمانية على أن عقوبة الإعدام، بطبيعتها النهائية والقاطعة، تمثل انتهاكاً مطلقاً للحق في الحياة. والأخطر من ذلك، أنها تغلق الباب أمام أي إمكانية لتصحيح الأخطاء القضائية، التي أثبتت وقائع مؤلمة في دول عديدة أنها حقيقة واقعة وليست مجرد افتراض. كما أكدت أن تجارب الأمم أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك أن إلغاء هذه العقوبة القاسية لا يؤدي إلى تفشي الجريمة، بل يرتقي بالمنظومة الحقوقية ويعزز التطور الحضاري للدول.
وسجلت التامني أن إلغاء عقوبة الإعدام ليس تهاوناً في مواجهة الجريمة، بل هو شرط أساسي للسمو بالعدالة نحو أفق أكثر إنسانية. لكن هذا السمو يتطلب إرادة سياسية حقيقية وشجاعة لاتخاذ قرارات تاريخية، لا مجرد إدارة الوضع الراهن. وفق تعبيرها.