الرباط-عماد مجدوبي
وصلت فضيحة احتجاز سائحة بريطانية واحتجازها داخل مصحة شهيرة بمراكش، لعجزها عن دفع مبالغ مالية كبيرة جراء عملية جراحية بسيطة، كبريات الصحف الأكثر مقروئية في أمريكا، وبشكل أخص صحيفة ”نيويورك بوستنيويورك بوست”، الصحيفة المفضلة لدى الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب.
وسردت سادس أكبر صحيفة في أمريكا من ناحية التوزيع والنسخ المطبوعة، تفاصيل قضية السائحة البريطانية كوليت روبنسون، البالغة من العمر 58 عامًا، مشيرة إلى أنها مهددة بالسجن إذا لم تدفع فاتورة طبية قدرها 28 ألف دولار (حوالي 28 مليون سنتيم مغربية).
وتعرضت السائحة وهي أم لأربعة أبناء، وفق الصحيفة، لنوبة قلبية، حين كانت تقضي عطلتها في منتجع “فاليريا مادينا كلوب” بمراكش عندما بدأت فجأة بالشعور بالإعياء وبدأت في التقيؤ بجانب المسبح.
نُقلت كوليت إلى مصحة ابن رشد ، حيث اكتشف الأطباء إصابتها بنوبة قلبية وأجروا لها عملية تركيب دعامة طبية. وأشارت الوسيلة الإعلامية الشهيرة إلى أن السائحة لا تزال ترقد في المصحة وحدها وسط ضغوط لجمع 28 ألف دولار لتغطية تكاليف علاجها. لكن المشكلة تزداد سوءًا بسبب التحذيرات المتكررة من إمكانية اعتقالها إذا لم تدفع الفاتورة كاملة في دفعة واحدة، رغم أنها عرضت إلى جانب ابنها، جاك جيلدر البالغ من العمر 30 عامًا، تسديد المبلغ عبر دفعات شهرية، لكن دون جدوى. تضيف ”نيويورك بوست”
وذكرت أن ابنها جاك يعيش حالة من التوتر الشديد بسبب الوضع، الذي قال إن التكلفة تبدو مبالغ فيها مقارنة بالمعدلات المعتادة في المغرب، كما أكد أن والدته كانت قد نسيت تحديث تأمين السفر الخاصة بها لتشمل تعرضها لنوبة قلبية سابقة في العام الماضي. هذا الخطأ أدى إلى تحميلها تكلفة العلاج بالكامل من مالها الشخصي.
في سياق متصل دخل حقوقيون محليون بمراكش على خط القضية، حيث عبر المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام، فرع مراكش، عن استنكاره الشديد لهذه الواقعة التي تسيء إلى صورة المغرب كوجهة سياحية عالمية، وتمس بمبادئ الحق في العلاج واحترام كرامة الإنسان.
واعتبر المرصد، في بيان توصلت به جريدة ”24 ساعة” أن الحادثة ”تسائل الجهات الوصية على قطاع الصحة ببلادنا حول مدى احترام المؤسسات الصحية، خاصة الخاصة منها، للأخلاقيات المهنية وللمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق المرضى”.
وطالب بفتح تحقيق عاجل في هذه الواقعة، واتخاذ ما وصفه ”إجراءات صارمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات التي قد تؤثر سلبًا على سمعة المغرب كبلد منفتح على العالم، وملتزم بحقوق الإنسان”.
كما أكد المرصد في بيانه أن ”ممارسة الطب هي رسالة إنسانية وأخلاقية قبل أن تكون نشاطًا تجاريًا، وبالتالي، فإن أي تعامل مع المرضى بمنطق الربح التجاري الخالص يتنافى مع المبادئ الأساسية لمهنة الطب، ومع القوانين والأعراف الدولية التي تحكم هذا القطاع. إن الحق في العلاج هو حق إنساني أساسي، لا يمكن أن يكون مشروطًا بالقدرة المالية للمريض، خصوصًا في الحالات الاستعجالية التي تتعلق بالحياة أو الموت”.
وطالب بضرورة ضمان حق المرضى في الاطلاع على الفواتير التفصيلية للخدمات الطبية المقدمة لهم، تفاديًا لأي تضخيم غير مبرر للتكاليف أو استغلال لحالات الطوارئ الصحية. كما يجب ضمان حق المريض في اتخاذ القرار بشأن مسار علاجه بناءً على معطيات واضحة وشفافة، دون أي شكل من أشكال الإكراه أو الضغط المالي.
ودعا الجهات المختصة بضرورة تعزيز دور المستشفيات العمومية في تقديم الخدمات الصحية للحالات الطارئة، تفاديًا لـ ”تحويل القطاع الصحي إلى مجال تجاري بحت، حيث يصبح العلاج رهينًا بالقدرة المالية للمريض بدلًا من أن يكون حقًا إنسانيًا مكفولًا. مناديا بفرض رقابة صارمة على المصحات الخاصة لضمان احترامها لقواعد الشفافية والأخلاقيات المهنية، وتفادي أي تجاوزات تضر بسمعة المغرب وبثقة المواطنين والزوار في نظامه الصحي”. وفق نص البيان.