الرباط-عماد مجدوبي
تشهد المناطق الشمالية من المغرب، ولا سيما الفنيدق وبني أنصار، حالة من التوتر والاضطرابات، دفعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات أمنية مشددة.
هذه الأحداث، التي ترافقت مع دعوات للعبث والفوضى، تطرح تساؤلات عميقة حول أسباب هذه الأزمة، ودور مختلف الفاعلين السياسيين والمجتمعيين في مواجهتها.
تتجاوز أزمة الهجرة غير الشرعية في شمال المغرب البعد الأمني لتشمل جوانب اجتماعية واقتصادية وسياسية. فمن جهة، يتعرض القاصرون والمغرر بهم لمخاطر جمة أثناء رحلتهم نحو الضفة الأخرى، ومن جهة أخرى، تضع هذه الظاهرة الضغط على البنية التحتية للمدن الشمالية وتؤثر على سمعة المغرب على الصعيد الدولي.
دور الأحزاب السياسية والمجتمع المدني
في ظل هذه الأزمة، يتوقع من الأحزاب السياسية، وخاصة تلك التي تشكل الحكومة، أن تلعب دورًا رياديًا في وضع حلول جذرية. غير أن بعض التصرفات غير الملائمة من طرف بعض الأحزاب، مثل التركيز على مواضيع سياسية غير ذات أولوية، تثير تساؤلات حول جدية هذه الأحزاب في مواجهة التحديات التي يواجهها الوطن.
من جهة أخرى، يتعين على الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان أن تكون في الصفوف الأمامية للدفاع عن حقوق المهاجرين، مع العمل على توعية الشباب بخطورة الهجرة غير الشرعية.
الحاجة إلى تحرك فوري ومتكامل
لمواجهة هذه الأزمة، يجب على جميع الأطراف المعنية أن تتضافر جهودها وتعمل بشكل متكامل. فالتعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص أمر ضروري لوضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
وبات الوضع الحالي في مدن الشمال، حيث يتدفق عدد كبير من الراغبين في الهجرة غير الشرعية، يستدعي اتخاذ الحكومة، وبشكل أخص رئيسها عزيز أخنوش، أخذ الأمور بالجدية اللازمة واتخاذ خطوات عاجلة.
ويرى متتبعون أنه من غير المقبول نهج سياسة الصمت إزاء ما يجري، بينما بينما يتعرض القاصرون والمغرر بهم لمخاطر كبيرة ويواجهون الأجهزة الأمنية بشكل مباشر.
لا مبالاة الأحزاب حيال ما يجري
في ظل هذه الأزمة، ظهرت بعض الأحزاب السياسية، خاصة تلك التي تقود الحكومة، تتصرف بشكل غير ملائم.
من غير المقبول، وفق ذات المتتبعين، أن يفتتح حزب فعالياته السياسية بأمور غير ذات أهمية عوض التركيز على تقديم خطاب هادئ ؛ كذلك، يجب على الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان أن تؤدي دو رها بشكل كامل وفعال.
صارت الحاجة ملحة إلى تحرك فوري ومتناغم من جميع الجهات المعنية لوضع مصالح الوطن وأمنه واستقراره في مقدمة الأولويات.
كما يجب تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف وتطبيق إجراءات ملائمة لمعالجة أزمة الهجرة غير الشرعية، مع ضمان حماية حقوق الأفراد وحرياتهم .
أزمة سياسية بامتياز
لا يمكن فهم الأحداث الجارية في الشمال بمعزل عن السياق السياسي. فما يجري يتجاوز كونه مجرد أحداث أمنية، بل هو انعكاس لأزمة سياسية عميقة. فشل السياسات الحكومية المتعاقبة في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وغياب الحوار والنقاش السياسي البناء، ساهم في خلق بيئة خصبة لتفريخ مثل هذه الأحداث.
مسؤولية الجميع
إن المسؤولية عن الوضع الحالي لا تقع على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها، بل تشمل جميع الأطراف السياسية والمجتمعية. فالحكومة، بأحزابها المختلفة، تحمل المسؤولية الأكبر، كما أن أحزاب المعارضة، بدورها، مطالبة بتقديم بدائل سياسية واقعية، والمساهمة في إيجاد حلول للأزمة.
غياب الحوار والنقاش
من المؤسف ملاحظة غياب الحوار والنقاش السياسي حول هذه القضية الحساسة. فبدلًا من البحث عن حلول جذرية للمشاكل التي يعاني منها الشباب في هذه المناطق، يتم التركيز على الجانب الأمني فقط. هذا الغياب للحوار يؤدي إلى تعميق الأزمة، ويخلق انطباعًا بأن القوى السياسية عاجزة عن أداء الدور المنوط إليها.
دور المجتمع المدني والإعلام
المجتمع المدني، بدوره، مطالب بتفعيل دوره في مواجهة هذه الأزمة. فمن خلال تنظيم حملات التوعية، والمساهمة في إيجاد حلول بديلة، يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا حاسمًا في تهدئة الأوضاع. كما أن الإعلام، بدوره، مطالب بتحمل مسؤوليته في نقل الحقيقة، وتغطية الأحداث بشكل موضوعي ومحترف.
إن الأحداث الجارية في الشمال تدق ناقوس الخطر، وتدعو إلى إعادة النظر في السياسات العمومية للبلاد. فالأمن لا يمكن أن يكون الحل الوحيد لمواجهة التحديات التي تواجه المغرب. إن ما نحتاج إليه هو حوار وطني شامل، يجمع كل القوى الحية في البلاد، للبحث عن حلول جذرية ومستدامة للأزمات التي نعاني منها.