لعل أول ما كشفته فيديوهات الاعتداء على رجال الأمن والقوات المساعدة وتخريب الممتلكات العامة في جرادة هو أن جماعة العدل والإحسان أصبحت تتحول ،يوما بعد آخر ، من جماعة دعوية تعبوية بنوايا سياسية مضمرة إلى جماعة تدعم الإرهاب والفوضى وتجاهر بعدائها الصريح للوطن.
فبعد أن فشلت قومتها الغيبية المرتقبة وبشاراتها الكاذبة في تحقيق نبوءاتها الأكثر ارتباطا بحالات الهلوسة السياسية الفاضحة والأبعد مما يمكن تحقيقه بالفعل السياسي الراشد، اختارت الجماعة أن تراهن بكل ثقلها الافتراضي على احتمال يائس هو تحول حركات الاحتجاج الاجتماعية الى وقود “ثورة شعبية” لا تبقي ولا تذر حتى لو استدعى الأمر حرق المغرب بما فيه ومن فيه.
ولحسن حظ المغاربة المشمولين بألطاف الله أن هذا الخيار السوداوي البئيس لم يفلح في حراك 20 فبراير الذي أفرغه دستور 2011 من حمولاته “الثورية” التي حاولت استنساخ تجارب أمم وشعوب أخرى في أزمنة مغايرة تبطل كل معايير القياس والتماثل.
واذا كانت الجماعة قد أدركت ، ذات عقل ، أن حراك 20 فبراير لم يعد مطية مناسبة للوصول إلى فردوسها الأرضي المرتقب، فان عقلها السياسي المعطوب لم يعجز عن دفعها إلى البحث عن جمرة أخرى قابلة للاشتعال في رماد حراك جرادة بعد أن تبين جميع الفاعلين السياسيين ملامح الطريق السوي المفضي الى إحقاق الحق والعدالة وبسط الأمن والاستقرار.
لقد اختارت الجماعة أن تصبح “جماعة مارقة” بمقتضى رفضها لحق الاختلاف وتمسكها بصواب رأي ترى أن الباطل لا يأتيه من خلفه أو من بين يديه. ولكن ثمة بون شاسع بين أن تكون مخالفة لإجماع الأمة على مستوى الرأي والخيارات وأن تصبح ، قولا وفعلا، راعية للإرهاب والعنف وداعية للتخريب والتمرد على كل السلطات الدستورية.
وإذا كانت الأمة ، كما في الأثر النبوي، لا تجمع على ضلال، فان ما تفعله الجماعة الآن لا يشكل خرقا للإجماع الوطني على أولويات الأمن والاستقرار والمسئولية التشاركية في تعمير البلاد ولكنه يذهب ابعد من ذلك ليضع الجماعة في صف المخربين والأعداء والذين في قلوبهم مرض يستعصي شفاؤه بالنصح والقول الحسن.
ويبقى أن المغرب يظل أكبر وأقوى من كل صنوف المكائد والمؤامرات التي يدبرها من لم يعودوا أهلا للعدل والإحسان بعد أن راهنوا على إشعال الحرائق في أطراف الوطن.
رابط الفيدوهات :