العيون ـ عبد الرحيم زياد
في مثل هذا اليوم 16 ماي من سنة 1930، أي بعد سنوات قليلة مباشرة من مغادرة أول مقيم عام الفرنسي، المارشال هربرت ليوطي، وتولي السلطان محمد بن يوسف عرش المملكة المغربية، وهو لا يزال في ريعان شبابه. أصدر الاسعمار الفرنسي الظهير البربري المشؤوم.
ظهير حاولت من خلاله فرنسا التفرقة بين العرب والأمازيغ، وإحداث شرخ فاضح في المجتمع المغربي المحافظ، وذلك لطمس الهوية المغربية وضرب وحدة البلاد. وفي إطار سعيها لتحقيق هذا الأمر، وهو قانون يمنع الأمازيغ في المغرب من التحاكم في قضاياهم المختلفة إلى الشريعة الإسلامية، وأن يتحاكموا إلى العرف البربري.
كما منع المستعمر المغاربة الأمازيغ من تعلم الإسلام واللغة العربية، وذلك بهدف إحداث خلخلة في النسيج المغربي، وتفكيك ترابطه الاجتماعي وأيضًا المس بمقومات هويته وطمس معالم شخصيته المغربية الإسلامية.
وجاء إصدار هذا القانون ضمن سياسة فرنسية عرفت باسم “السياسة البربرية” التي ترتكز على أن البربر “ذوو إسلام سطحي” غير متعمق في نفوسهم؛ فهم ما زالوا محتفظين بكثير من عاداتهم القبلية، وهؤلاء يمكن “تمسيحهم وتنصيرهم” بعد خلق فجوة بينهم وبين العرب، ولهذا فمن الضروري على فرنسا أن تعطي فرصة لنمو مشاعر التمايز بين عنصري الأمة بعد إبعاد الأمازيغ عن الإسلام واللغة العربية.
وعارضت الحركة الوطنية حينذاك هذا الظهير وقام الوطنيون بقراءة اللطيف في المساجد ضد ما يرونه “تفرقة” بينهم وبين الأمازيغ، واعتبروا أن هذا الظهير جاء ليحول الأمازيغ إلى المسيحية؛ كما اعتبروا هذا الظهير خطوة استعمارية للفصل بين العرب والأمازيغ في المغرب وذلك لمواجهة المقاومة المتنامية.
واستمر هذا الظهير المشؤوم موجودا حتى ألغاه المغفور له الملك محمد الخامس في منتصف الخمسينيات، واستطاعت الحركة الوطنية إفشال الأهداف الكبرى لهذا الظهير.