24 ساعة ـ متابعة
في خضم التغير الاقتصادي والتكنولوجي، يتحول المغرب إلى مركز حقيقي للشركات الناشئة الأفريقية. وتعمل البلاد، تحت قيادة قادتها الاقتصاديين وصناديقها الاستثمارية، على تشكيل مستقبل يلعب فيه الابتكار والتكنولوجيا دورا مركزيا. ويهدف “صندوق استثمارات المغرب الرقمي” إلى أن يصبح المغرب، في غضون خمس سنوات، ثالث أكبر مستثمر في الشركات الناشئة في القارة الأفريقية.
ويشهد قطاع الشركات الناشئة في المغرب نموا سريعا. وفي سنة 2023، زادت الاستثمارات في هذا المجال بنسبة 93%، مما يدل على الاهتمام المتزايد بين رواد الأعمال بالسوق المغربي. وتدعم هذه الديناميكية أكثر من عشرة صناديق استثمارية عامة وخاصة أنشئت في السنوات الأخيرة لتحفيز الإبداع. وفقا لتقرير النظام البيئي العالمي للشركات الناشئة (GSER) الصادر عن StartupBlink، صعد المغرب إلى المرتبة 34 في العالم، وهي علامة واضحة على حيوية نظامه البيئي لريادة الأعمال.
الدار البيضاء: الرائد التكنولوجي في شمال أفريقيا
وتبرز الدار البيضاء، على وجه الخصوص، باعتبارها القلب النابض للابتكار في شمال أفريقيا. وتحتل المدينة الآن المرتبة الثالثة في مؤشر النظام البيئي الإقليمي للشركات الناشئة، خلف القاهرة وتونس مباشرة. ومع ذلك، لا يزال الوصول إلى التمويل يمثل تحديًا كبيرًا. واستثمرت صناديق الاستثمار المغربية الرئيسية حوالي 44 مليون دولار في السنوات الأخيرة وتهدف إلى مضاعفة هذا الرقم، مع التركيز بشكل خاص على الشركات الناشئة في قطاعات الصحة والزراعة والصناعة.
ويعد صندوق المغرب الرقمي، الذي تم إنشاؤه عام 2010، محورًا لدعم الشركات الناشئة في المغرب، حيث استثمر 25 مليون دولار في 26 شركة ناشئة. وفي عام 2019، أطلق صندوق الإدارة والإيداع الحكومي برنامج Founders 212، الذي ضخ 12 مليون دولار في النظام البيئي للشركات الناشئة، ويخطط لزيادة هذه الموارد في السنوات المقبلة.
كما أنشأت جامعة محمد السادس للتكنولوجيا صندوق UM6B لريادة الأعمال، الذي استثمر 7 ملايين دولار منذ عام 2021. ويهدف هذا الصندوق إلى الوصول إلى 50 مليون دولار من الاستثمارات في السنوات المقبلة، مع التركيز على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا العميقة في مجالات مختلفة مثل الزراعة والكيمياء والرعاية الصحية والتقنيات الخضراء.
التحديات والفرص والآفاق لعام 2024
وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن تطوير الشركات الناشئة في المغرب يواجه عوائق عديدة. فالأنظمة التقييدية، والعقود الحكومية الضعيفة في كثير من الأحيان، والطلب المحدود على الخدمات الحكومية، كلها عوامل تعيق النمو. بالإضافة إلى ذلك، يشكل صغر حجم السوق المحلية تحديًا إضافيًا. ومع ذلك، ينظر المستثمرون إلى السوق الأفريقية على أنها أرض خصبة للفرص، وتستهدف الشركات الناشئة في مناطق مثل أفريقيا وأوروبا والخليج.
التوقعات لعام 2024 متفائلة. ومن المتوقع أن يرتفع عدد الشركات الناشئة في المغرب بنسبة 20% ليتجاوز 1500 شركة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تنمو عائدات الأعمال المغربية بنسبة 15٪ لتصل إلى حوالي 200 مليون دولار. وقد تم تحديد قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصحة والتكنولوجيا الحيوية، فضلاً عن السياحة، باعتبارها مجالات رئيسية توفر فرصاً كبيرة.
واستثمرت الوزارة أكثر من 8 مليارات دولار في قطاع السياحة، وهو القطاع الذي يواصل النمو ويوفر الفرص للشركات الناشئة التي تركز على التجارب السياحية وحجز الفنادق وإدارة عروض السفر. وعلى الرغم من التقدم المحرز، فإن الافتقار إلى البنية التحتية والموارد لا يزال يشكل تحديا يتعين التغلب عليه. يعد التعليم والتدريب على المهارات الرقمية أمرا حاسما لإعداد الشباب المغاربة لسوق العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.
ويعمل المغرب، من خلال مبادراته الجريئة واستثماراته الاستراتيجية، على ترسيخ مكانته كمركز للشركات الناشئة في أفريقيا. وعلى الرغم من التحديات، فإن البلاد في وضع جيد لتصبح لاعبًا رئيسيًا في مجال الابتكار في القارة، حيث تجتذب المزيد والمزيد من المستثمرين ورجال الأعمال الباحثين عن فرص جديدة. يبدو مستقبل المغرب كدولة رائدة في الشركات الناشئة الإفريقية واعدًا، ومعبدًا بالابتكار والفرص الاقتصادية.