24ساعة-العيون
في محاولة لدرء سوءتها، باشرت وكالة الأنباء الجزائرية حملة إعلامية مضادة ضد التقارير التي نشرتها وسائل إعلام دولية، والتي كشفت عن رفض الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، لطلب الجزائر الإفراج عن جنود جزائريين وعناصر من جبهة البوليساريو، تم اعتقالهم أثناء قتالهم إلى جانب قوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
ولم تجد وكالة الأنباء الجزائرية، الناطقة الرسمية باسم النظام، من وسيلة وسيلة للرد سوى باتهام المغرب بالوقوف وراء هذه التقارير، في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الفضيحة، غير أن ما يضعف هذه الادعاءات هو أن المعلومات المتعلقة برفض الرئيس السوري الجديد طلب الجزائر لم تصدر عن الإعلام المغربي فحسب، بل تناولتها أيضا وكالات دولية مرموقة، مثل مونت كارلو الدولية، مما يضفي مصداقية كبيرة على هذه التقارير.
وتأتي هذه الحملة في إطار استراتيجية جزائرية مألوفة، تتمثل في اختلاق “مؤامرات خارجية” لتبرير الإخفاقات الدبلوماسية، إلا أن الواقع يؤكد أن هذه الفضيحة وضعت النظام الجزائري في موقف حرج، فالدعم المطلق الذي قدمته الجزائر لنظام بشار الأسد لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل تجسد في علاقات وثيقة امتدت طوال سنوات الحرب السورية. فقد كانت الجزائر من الدول القليلة التي حافظت على علاقاتها مع نظام الأسد، ورفضت تجميد عضويته في الجامعة العربية عام 2011، كما ساندته دبلوماسيا في المحافل الدولية، وظلت تصف المعارضة السورية بـ”الجماعات الإرهابية”.
ويأتي هذا الهجوم الإعلامي الجزائري في وقت يحاول فيه النظام إعادة ترتيب أوراقه، ونسج علاقات جديدة مع القيادة السورية بعد سقوط الأسد، فمنذ تولي الرئيس أحمد الشرع الحكم، بات واضحا أن الجزائر تواجه تحديا دبلوماسيا في إعادة بناء علاقاتها مع دمشق الجديدة، التي يبدو أنها لن تتساهل مع ممارسات الجزائر أو تحالفاتها السابقة مع النظام السابق، وبالتالي، فإن الحملة التي شنتها وكالة الأنباء الجزائرية لا تعكس فقط استياء النظام من كشف هذه الحقائق، بل تكشف أيضا عن إرباك ديبلوماسي في التعاطي مع الواقع السوري الجديد.