محمد أسوار- الرباط
تحولت حياة شابة مغربية في العشرينيات من عمرها، إلى جحيم لا يُطاق، بعد أن اتهمتها مشغلتها الإسبانية ”زورا” بسرقة مجوهراتها وأملاك نفيسة من وساعات فاخرة، تبلغ قيمتها المالية حوالي 600 ألف درهم؛ ليتضح بعد مرور أزيد من أربع سنوات؛ أن المتهمة بريئة وتبدأ فصول محاكمة المشتكية؛ في انتظار أن تقول العدالة كلمتها الأخيرة.
هي حكاية تشبه قصة البستاني المغربي عمر الرداد الشهيرة؛ المتهم بقتل مشغلته الفرنسية خلال السبعينات، وتبث لاحقا أنه بريئ مما نسب إليه؛ ورغم أن رائحة الموت غائبة هذه المرة؛ إلا أن ما يجمع الحكايتين كون صاحبهما مغربيان، وقضى معا فترة من الزمن وراء القضبان، بسبب جرم لم يرتكبانه.
بدأت فصول الحكاية، حين غادرت الشابة المغربية، صيف 2017، حدود تراخال في اتجاه سبتة المحتلة، بحثا عن قوت يومي؛ انتابها فرح جديد حين تلقفتها أيادي سيدة بورجوازية إسبانية. لكن فرحتها ستتحول إلى مأساة، حين وضعت مشغلتها شكاية ضدها بتهمة سرقة بعض أغراضها من الخزانة سنة 2018.
فور ذلك؛ قامت الشرطة الإسبانية بالقبض عليها، وإيداعها السجن وبقيت هناك إلى غاية 2019؛ حيث ستتوصل المحكمة لاحقا، وفي حكم نهائي، بقناعة أن الشابة المغربية بريئة من التهم المنسوبة إليها؛ بعد أن عجزت المشتكية عن تقديم أدلة مقنعة لاتباث التهمة وتناقض أقوالها.
وتحولت قصة الخادمة المغربية إلى قضية رأي عام محلي، ليس فقط بسبب الظلم الذي لحقها؛ بل محاكمة لعدالة تسرعت في إصدار حكم دون أدلة كافية، مما أثر على نفسية الشابة المغربية التي تحولت في نظر الجميع على أنها ” لص” لم يسرق شيئا.
كانت تفكر ليلة القبض عليها والزج بها في السجن في الانتحار، لولا أن الأمل في أن يتم إنصافها سيأتي لاحقا بما أنها واثقة من عدم ارتكابها جرما سيتحق أن يرمى بها في الزنزانة. وذلك فعلا ما حصل.
في أواخر سنة 2019، اقتنعت غرفة الجنايات بمحكمة سبتة، على عدم وجود دليل إدانة بالسطو على ممتلكات مشغلتها، والتي كان سيكلفها سنتين سجنا وتعويض سعر الأشياء المسروقة. لكنها كانت دائما تصر خلال جلسات محاكمتها أنها لا تعلم حتى بوجود خزانة في منزل مشغلتها فما بالك بما داخلها من مجوهرات ثمينة وكثيرة. ورغم ذلك تمت إدانتها في حكم ابتدائي قبل أن يتم تصحيح الحكم استئنافيا.
وتقول الخادمة المغربية؛ أمام المحكمة؛ إن مشغلتها الإسبانية لجأت إلى اختلاق تهمة السرقة، انتقاما منها، لكونها كانت تريد التبليغ عن وضعيتها كخادمة بدون عقد عمل، بعد أن استغنت عنها السيدة الإسبانية إثر غيابها لأسبوع بسبب وفاة والدتها، ووجدت مكانها خادمة مغربية أخرى. مشيرة إلى أن الوقت بين رغبتها في الإبلاغ عنها واتهامها لم يكن سوى شهرا واحدا فقط.
تكونت لدى المحكمة قناعة أن دفوعات الخادمة المغربية ” أقوى وأكثر واقعية”، مقارنة برواية مشغلتها، التي بدأت أقوالها متضاربة، إلى حد التراجع عن اتهامها بالسرقة، والإكتفاء بالقول أنها ”قد تكون هي”. على عكس الشكاية المباشرة التي وضعتها لدى الشرطة ضد الشابة، والتي بموجبها تم اعتقالها بعد أن قدمت نفسها طواعية، عائدة من بلدها المغرب. كما أن المجوهرات لم يظهر لها أي اثر لاحقا وتم التعويض عبر التأمين.
وبني حكم البراءة، على عدم وجود أدلة ذات أسباب كافية لإدانة الشابة، حيث لم يكن هناك سوى “مجرد شك خاص”. لم يكن هناك شهود، ولا آثار أقدام … فقط مجرد “تخمينات”. لكنها كافية؛ في نظر العدالة؛ لإيقاف هذه المرأة وإبقائها في السجن دون معرفة مصيرها، مع تلطيخ سجلها دون ارتكاب جريمة تذكر.
وقالت القاضية في حكم البراءة إن شهادة صاحبة الشكوى مليئة “بالتناقضات والسخافات والتناقضات المختلفة وغير المنطقية مما يجعل روايتها للأحداث غير قابلة للتصديق على الإطلاق”.
بعد حصولها على البراءة؛ وضعت الشابة المغربية شكاية مضادة ضد مشغلتها، بتهمة ”الوشاية الكاذبة عن سبق إصرار من أجل إلحاق الضرر بها”. وهي الشكاية التي كانت موضوع نظر من قبل الغرفة السادسة بالمحكمة الاقليمية قادس، شهر فبراير الماضي؛ لكن رفضت المحكمة قبول الشكاية لكونها “تم تقديمها من خلال عدم تقدير أن الإجراء قد تم توجيهه من خلال احتيال كاذب ومتهور”.
وقامت الخادمة المغربية باستئناف الحكم أملا في استرجاع ولو قليلا من ”كرامتها”؛ خصوصا وأن حالات عديدة مشابهة وقعت لخادمات مغربيات، لكن لم يصل الأمر مطلقا إلى إصدار حكم الإدانة.