24 ساعة-متابعة
وصف المحلل السياسي إدريس قصوري التطورات الأخيرة التي تشهدها قضية الصحراء المغربية، خصوصا على مستوى المواقف الدولية، بأنها تجاوزت مفهوم الاعترافات، مؤكدا أن ما يحدث اليوم هو بمثابة استفتاء كوني أممي شامل، يعكس إجماعا سياسيا ودبلوماسيا من مختلف دول العالم ومن جميع قاراته.
وأوضح قصوري في تصريحه لـ”24 ساعة”: أن هذا الاستفتاء لا يستند إلى مفاوضات أو تكتلات أو مساومات، بل هو تعبير حر وذاتي للدول عن إرادة سياسية واضحة وصريحة، تستند إلى قناعة جماعية بمغربية الصحراء، واعتبار مقترح الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والأنسب والواقعي لهذا النزاع.
وشدد على أن هذا التحول الكبير هو نتيجة لما سماه بـ”استيقاظ الضمير العالمي”، في ظل سياق دولي جديد يسعى إلى تجاوز خرافات الماضي الإيديولوجية، والتحرر من اصطفافات الحرب الباردة وممارسات ابتزاز المواقف وشراء الذمم.
وأكد المحلل السياسي أن العالم اليوم، بكل مكوناته الفكرية والسياسية والاقتصادية، بدأ ينظر إلى قضية الصحراء المغربية بمنظور الحق التاريخي والسيادة الوطنية، بعيدا عن الاعتبارات البراغماتية أو الديماغوجية.
وأضاف أن هذا الإجماع يعكس تحولا عميقا في المنظومة الدولية، نحو تبني قيم الشفافية والنزاهة والاعتراف بالحقوق، وبالخصوص فيما يتعلق بالقضية الوطنية التي أصبحت، حسب تعبيره، “قضية القضايا”.
وأشار قصوري إلى أن قضية الصحراء أصبحت أولوية قصوى في الأجندات الدولية، ليس فقط في علاقات الدول الثنائية مع المغرب، بل أيضا في نطاق السياسات الإقليمية والدولية الهادفة إلى بناء فضاءات خالية من التوترات.
وأوضح أن هذه القضية باتت مركزية في المنطقة المغاربية والإفريقية، لما لها من دور محوري في تحييد التوترات وفتح آفاق تنموية واعدة نحو إفريقيا، القارة التي وصفها بأنها غنية بثرواتها، ولكنها مثقلة بمشاكلها نتيجة لأنظمة عسكرية متصلبة تنتمي إلى زمن مضى، ولا تواكب متغيرات الحاضر ولا تطلعات الشباب والمعايير الألفية.
وفي هذا السياق، اعتبر قصوري أن العديد من الأنظمة، وفي مقدمتها الجزائر، ما تزال أسيرة رؤى إيديولوجية متآكلة، غير قادرة على المراجعة أو الانفتاح، وتتمسك بشعارات متجاوزة.
وأضاف أن الضمير العالمي توحد اليوم في موقف واضح وصريح، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة، وهو ما يشكل نموذجا من نماذج التحول المستقبلي في العلاقات الدولية.
كما شدد قصوري على أن العالم لم يعد يقبل بأن تدار الدول على أساس الشعارات الفارغة والديماغوجيا، بل أصبح يعتمد على الفعالية، والإنجاز، والمساهمة الجادة في بناء المستقبل.
وانتقد بقوة ما وصفه بـ”المظلومية الفارغة” وبعض الأجندات السلبية التي تعيق التنمية وتساهم في تفاقم مشاكل الهجرة، وتهريب السلاح، والمخدرات، والاتجار بالبشر، وبالأطفال، والبطالة، وانتهاك حقوق المرأة، وتراجع الديمقراطية والمجتمع المدني.
وأكد أن لحظة الحسم قد حانت، وأن القضية الوطنية المغربية أصبحت نموذجا لتغيير المواقف الدولية، في مقابل تعنت الجزائر، التي باتت تهدد بالسقوط تحت طائلة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية، إن استمرت في دعمها لجبهة البوليساريو ورفضها لتفكيك المخيمات وتسوية النزاع.
وأضاف المحلل السياسي أن الجزائر تعاني من مشاكل متفاقمة مع جميع جيرانها، سواء في المنطقة المغاربية، أو مع الدول الإفريقية في منطقة الساحل، وحتى مع شركائها الأوروبيين كإسبانيا وفرنسا، وصولا إلى توتر الخطاب تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.
واعتبر قصوري أن الزخم الدولي الحالي هو بمثابة قرار ضمني صادر عن المنتظم الدولي، ويشكل استفتاء واضحا على المقترح المغربي للحكم الذاتي.
كما أن هذا الإجماع التقطته كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، واعتبرته أساسا لتفعيل هذا الحل بشكل آني، من خلال تفويض المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا بتنفيذه.
وأوضح أن هذا التفويض الأممي يشبه القرار الدولي، وهو قرار بات واضحا في ترجيح الكفة المغربية باعتبارها صاحبة السيادة والصلاحية، مع إبعاد كل الأطراف غير المعنية من التدخل أو محاولة التشويش على المسار.
وأكد المتحدث، على أن المنتظم الدولي قد يئس من الجزائر ومن البوليساريو، واتجه لإعلان موقفه الصريح، متجاوزا كل الاعتبارات السابقة التي كانت قائمة على توازنات وازدواجيات.
وخلص قصوري، إلى أن المرحلة القادمة ستعرف تطبيقا حاسما وصارما لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وقد يتم دسترته وتنفيذه في الشهور أو السنوات القليلة المقبلة، كتتويج لهذا الاستفتاء الدولي الكبير الذي يشكل علامة فارقة في مسار القضية الوطنية المغربية.