لم يعد ثمة هامش للخلاف حول صعوبة اللحظة الراهنة في منابر وكواليس حزب العدالة والتنمية. فبصورة روتينية أصبح الفضاء الأزرق حديقة خلفية لفضائحهم وزلات مريديهم ابتداء بالفقيه عمر الآمر بالمعروف والوالغ في المنكر، ومرورا بالمعين على القتل وانتهاء بمنبرهم الاعلامي الذي يسرق اللذات اغتصابا.
هذا التواتر الكفيل بتعرية مصداقية اي حزب لم يفقد العدالة والتنمية عقله السياسي فحسب ولكنه دفعه الى استخلاص نتائج خاطئة من فرضيات لا تقيم علاقة مع الواقع المعيش. أول تلك الفرضيات تتوهم أن العدالة والتنمية هو الآمر الناهي في ساحة سياسية يتزاحم فيها الأقزام وأيتام السياسة ومتسولوها.
ولأن فساد العقل السياسي لا يعرف حدودا للمنطق والمعقول، انطلق الحزب في مدار عدوه السريع نحو اقرار واقع مغاير يفرض على جميع الفرقاء التسليم بأولوية العدالة والتنمية وحقه في هندسة مستقبل المغرب وفق رؤاه واستيهاماته. فعندما يعقد الحزب جلسات حوار “داخلي” حول الملكية البرلمانية ويخرج مصطفى الرميد واصفا قرار استدعاء حامي الدين بكونه قرارا “أخرق” صادر عن جهاز قضائي منحاز بينما يطالب العثماني بإعفاء قاضي التحقيق يحق لنا أن نتساءل عن مصدر هذه القوة الكاسحة التي توهم العدالة والتنمية أنه قادر على تخطي كل الخطوط الحمراء بقفزة واحد في المجهول. غير أن الأرجح هو أن الحزب الباحث عن استعادة مصداقيته قد اصيب بجنون العظمة الذي لا تتجسد تمثلاته القصوى الا في الواقع الافتراضي.
ان جملة “لن نسلمهم أخينا حامي الدين” التي أطلقها بنكيران في المؤتمر الأخير لشبيبة العدالة والتنمية جديرة بأن تصبح واحدة من أبرز شواهد التاريخ السياسي بالمغرب لأنها كانت تأصيلا لانحراف سياسي خطير أعلن فيه حزب العدالة والتنمية ، دون مواربة ، أنه لا يخضع لمعايير التصنيف السياسي مما يجعله بالضرورة والاكراه حزبا فوق القانون.