24 ساعة ـ العيون
في سياق متوتر يشهد تصاعداً في حدة الخطاب، أقدم مسؤول بارز داخل جبهة البوليساريو على إطلاق تصريحات تحريضية خطيرة. قد تساهم بشكل مباشر في تأجيج العنف وتقويض فرص الحل السلمي للنزاع الإقليمي حول الصحراء. الأكثر من ذلك. فإن هذه الدعوات المتطرفة تأتي لتصب الزيت على نار الحملات القائمة بالفعل داخل الولايات المتحدة الأمريكية. والتي تسعى إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية.
ففي دعوة صريحة للعنف، حث القيادي المذكور على شن هجمات ضد “أي مستثمر أو سائح أجنبي في الأراضي المحتلة”، في إشارة إلى الأراضي التي يعتبرها الجبهة تابعة لها. وبلهجة لا تخلو من التهديد. صرح المسؤول بأن هؤلاء الأجانب “لا يمكنهم ادعاء البراءة أو أنهم مدنيون”، مطالباً إياهم بـ”مغادرة أراضينا”.
وأضاف مؤكداً على ضرورة أن “تصل هذه الرسالة إلى المستثمرين والسياح”. مبرراً هذا الموقف المتطرف بـ”حالة الحرب” التي تعلنها الجبهة ومعاناة “شعبنا”.
لا شك أن مثل هذه التصريحات العلنية التي تدعو لاستهداف مدنيين أجانب توفر دليلاً إضافياً لأولئك الذين يرون في جبهة البوليساريو تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وهي تعزز حجج اللوبيات والجهات التي تعمل على إدراج الجبهة ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، خاصة في الولايات المتحدة التي سبق أن صنفت “الحوثيين” كمنظمة إرهابية. وهي الجماعة التي أبدى القيادي نفسه دعمه لها في نفس السياق، مما يثير المزيد من التساؤلات حول توجهات بعض القيادات داخل الجبهة وعلاقاتها المحتملة.
اللافت في هذه القضية أن القيادي الذي أطلق هذه الدعوات الخطيرة كان قد صرح في وقت سابق، خلال اجتماع في فرنسا في دجنبر 2021، بأن “جبهة البوليساريو ليست دولة”.
تصريحات كشفت الوجه الحقيقي للجبهة الانفصالية
هذه التصريحات التي بدت حينها متعارضة مع الخطاب الرسمي للجبهة الانفصالية. قيل إنها أدت إلى تهميشه لفترة. ومع ذلك، ورغم خطورة دعواته الأخيرة التي تصل إلى حد التحريض على الإرهاب، فإنه يظل حراً طليقاً في مخيمات تندوف. وتشير مصادر إلى أن هذا الوضع يعود بالأساس إلى ثروته ونفوذ قبيلته. اللذين يوفران له نوعاً من الحماية والنفوذ يبدو أنه يفوق سلطة الجبهة نفسها وحتى السلطات الجزائرية المشرفة على المخيمات.
إن مثل هذه التصريحات التحريضية العنيفة لا تخدم القضية التي تدعي جبهة البوليساريو الدفاع عنها. بل تعرض المدنيين الأبرياء للخطر، وتقوض أي جهود نحو حل سياسي وتفاوضي للنزاع المفتعل.
وتمنح الذرائع لأولئك الذين يسعون لتصنيف الجبهة ككيان إرهابي. كما أنها تسلط الضوء على تحديات السيطرة على بعض القيادات المتطرفة داخل الجبهة. وتأثير عوامل خارج إطار التنظيم الهيكلي مثل الثروة والنفوذ القبلي على قدرة هذه القيادات على التحرك وإطلاق تصريحات تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.