“لا يمكن للإنسان أن يهرب من قدره، إيطاليا احتضنتنا ودرستنا واعتبرتنا مواطنيها فليست من شيمنا نحن المغاربة، أن نكون قليلي الأصل، فنحن معها في الحلوة والمرة”، هي التصريحات الإنسانية المؤثرة، لمغاربة العالم، أصبحت تؤثث فضاءنا الإعلامي، تظهر كيف قرر هؤلاء أن يتفاعلوا مع هذه الجائحة العالمية، من قلب بؤر أوربية لوباء فيروس كورونا المستجد، صابرين ومحتسبين.
رسالة تلخص قصة صمود وثبات ونكران للذات وتشبث بالقيم المغربية الأصيلة، لحوالي 4.6 مليون نسمة مغربي، يتواجدون في العالم في مواجهة هذا الوباء العالمي.
يجتازون فترات عصيبة، بعد إغلاق المجالات الجوية، حيث وجدوا أنفسهم أمام خيار البقاء صامدين حيث هم، متسلحين بايمانهم القوي في الله، ومنضبطين لكافة التدابير الوقائية الصحية، رغم سقوط شهداء منهم ضحايا لهذا الوباء، نسأل الله تعالى أن يرحم الجميع، ويسكنهم فسيح جناته.
لقد آثرنا على أنفسنا اليوم، أن نوجه لهؤلاء المغاربة، رسالة شكر وعرفان ومودة وامتنان، معطرة برياحين المحبة، من ملكهم الذي يكن لهم كل تقدير، فهو حفظه الله حريص على أن يشملهم برعايته السامية، إلى جانب مسؤولي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، والسادة السفراء والقناصلة وعموم العاملين بالهيئات الديبلوماسية للمملكة في بلدان المهجر.
نقول لكم أخواتي وإخواني، إنكم كنتم دائما منبعا للخير، فكما يعلم الجميع، فمساهمة مغاربة العالم في تقوية المنظومة الاقتصادية للمملكة، لن يخفي حقيقتها إلا جاحد، فوفقا لآخر المعطيات الصادرة عن مكتب الصرف فقد ناهزت تحويلاتهم، خلال السنة الماضية، ما مجموعه 64 مليارا و862 مليون درهم، إننا اليوم نشكركم على ما تقدمونه، بعد أن جمعتنا بكم لحظات أنس، ونضال حزبي وسياسي، في أغلب الدول الأوربية التي كان لنا شرف زيارتها وحضور أنشطتكم المتميزة بها، سعدنا بالالتقاء والتواصل، بخيرة أطركم وكفاءاتكم الوطنية. هاته المشاعر كلها هي من تدفعنا اليوم، لكي ننحني لكم، انحناءة تقدير واعتزاز لدوركم الكبير ومساهمتكم في تقوية النسيج الاقتصادي الوطني.
رغم كل ما يعاب من قصور واضح، واختفاء مفاجىء، للسيدة، الوزيرة المنتدبة، المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، عن مواكبة ما يجري، وفشلها في فتح قنوات الاتصال والحوار بيننا وبينكم، نؤكد أن ما يمكن تقديمه لمغاربة العالم، ليس منة من أحد، فقد أقر المغاربة برعاية ملكية دستور 2011، وأفرد لأول مرة خمسة فصول، لها علاقة بالهجرة وبالجالية المغربية بالخارج، تنص أهمها أن المملكة المغربية، تعمل “على حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال، وتحرص على الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم، ولاسيما الثقافية منها، وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية”.
إن الاهتمام بمغاربة العالم واجب وطني وحق دستوري، فهو ليس أمرا احتفاليا مناسباتيا في كل صيف حين نستقبلهم ثم نودعهم.
إن ما يواجهونه اليوم، ويعيشونه من آلام أو آمال، وهم يواجهون إلى جانبنا التداعيات الخطيرة لهذا الوباء، أمر يفرض علينا لا محالة تعبئة شاملة، واستنفارا وطنيا لدعم جهود كافة الطاقات والكفاءات والجمعيات المغربية الرائدة لمغاربة المهجر، التي كانت ولا تزال تتسلح بغيرة وطنية كبيرة وهي تعرف بمقومات الحضارة المغربية الأصيلة.
على الرغم من الأصوات النشاز، التي حاولت أن تمس من القيمة الوطنية لمغاربة العالم، من طرف بعض من ضعاف النفوس، فإننا على يقين أن أواصر المحبة ووشائج الأخوة الصادقة، هي التي تقوي لُحمتنا الوطنية، مع إخوتنا في المهجر، فيسري عليهم ما يسري علينا، ونحن نواجه جميعا خطر الوباء وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية.
نقول لكم أحبتنا، إن ما تسمعونه من كلام لبعض المستهترين، لايمكن أن يمثلنا ولن يسمح به ملكنا حفظه الله، ولن تسمح به قوانين بلادنا التي تضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه، أن يخرق سفينة الوطن، أو يتسبب في قطع صلة الرحم بيننا وبينكم، لأننا كشعب مغربي موحد، نعيش لحظات تاريخية دقيقة تتطلب منا أن نبقى على قلب رجل واحد صامدين متآخين كما كنا من أجل تقوية أواصر الثقة بين أبناء الشعب الواحد.
سيبقى مغاربة العالم لآلئ تضيء سماء الوطن، كما كانوا دائما، محبين لوطنهم وملكهم، منخرطين بشكل كامل في تنمية بلادهم، رغم ما يجتازونه من مصاعب.
إن الوضع الحالي الذي يعيشه مغاربة العالم، بمختلف فئاتهم العمرية، يفرض على الوزيرة الوفي التي توارت عن الأنظار، أن تقترح التدابير المتعلقة بالحماية الاجتماعية والمساعدة الطبية للمهاجرين واللاجئين وأفراد أسرهم، في هذا الظرف الصعب، فهي من صميم اختصاصات وزارتها التي تحملت مسؤوليتها منذ أكتوبر من العام الماضي.
لا ندري حقيقة، من عطل الاهتمام بشؤون المغاربة المقيمين بالخارج في هذه الظرفية الحساسة، على كل حال، فإن من غرائب الزمان عند وزيرة الحزب الأغلبي، أنها كانت تطالب دائما بتفعيل اللجنة الوزارية المختلطة المنتدبة بوزارة المغاربة المقيمين بالخارج، والتي أحدثت لدى رئيس الحكومة بموجب المرسوم رقم 2.13.731 الصادر بتاريخ 30 شتنبر 2013، والذي تم تعديله وتتميمه بموجب مرسوم رقم 2.14.963 الصادر بتاريخ 30 مارس 2015، وجعل شؤون الهجرة ضمن اختصاصاها.
فمن يا ترى يمنعها اليوم، من أن تبادر بتفعيل ما عجزت عن القيام به قبل تقلدها المسؤولية الحكومية، وتقوم بالتنسيق بين مختلف المصالح الحكومية والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص في المجالات ذات الصلة وكذا النهوض بأوضاع المغاربة المقيمين في الخارج، وتسهر أيضا على” تحقيق الالتقائية بين السياسات العمومية التي تضعها وتنفذها القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية في المجالات المتعلقة بشؤون المغاربة المقيمين في الخارج، وتلك المتعلقة بحقوق وواجبات المهاجرين واللاجئين وأفراد أسرهم المقيمين بالمغرب بصفة قانونية”.
إن الدولة المغرببة، لا يمكن أن تتحمل فشل مسؤولي هذا الحزب الأغلبي، في تسيير قطاعات مهمة، كان من “حسنات” هذا الوباء، أن كشفه وعراه. إننا مطالبون اليوم، أن ندمج صوت مغاربة العالم، وهم يجتازون هذه المحنة، ونمتعهم بحقهم كاملا في إعلامنا العمومي والخاص، ونخصص لهم برنامج تفاعلية خاصة بهم، فلا يكفي أن نستقبل شكاياتهم، ونعمل على معالجتها، فصوت إخواننا من كفاءات المهجر مهم، لابد لنا من دمجه، ليكون جسر اعلاميا وتواصليا للمحبة لعلنا نرد بعضا من الجميل لهذه الفئة التي لا تقل أهمية عن كافة أبناء وطننا العزيز.
كما نقترح في هذا السياق، على الإخوة مسؤولي مجلس الجالية المغربية بالخارج، فيتداركوا باستعجال، حسب ما يمنحه القانون، بإبداء آرائهم حول ما يواجهه مغاربة العالم من أوضاع حاليا، حتى نستمر في تأمين الحفاظ على علاقات متينة لمغاربة العالم مع هويتهم المغربية، وضمان حقوقهم وصيانة مصالحهم، كما كانوا دائما مساهمين في التنمية الاقتصادية والمستدامة لوطنهم.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط: رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية