وعدت يوم المجلس الوطني أن لا أقوم بالتشويش على سير المشاورات لتشكيل حكومة الدكتور العثماني ووعد الحر دين عليه، وبما أن الحكومة قد تشكلت فلا أرى مانعا من الإدلاء برأيي.
تتبعت مشاورات السيد بنكيران خطوة خطوة وكنت طوال الوقت حاملة لهاتفي أطل منه على المستجدات وأنقلها لمتتبعي صفحتي، وبينما الجميع كان مركزا على لشكر أنا كنت أركز في انتقادي على أخنوش، وبينما كُنتُم ترون أن لشكر هو سبب البلوكاج كنت أرى أخنوش مسببا له، ولربما هذا ما جعل وقع صدمة خبر قبول لشكر في حكومة الدكتور العثماني علي أقل من وقعها على بعضكم.
ولم أصدم يوم أعلن الدكتور عن انفتاحه في المشاورات على جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان ولم أصدم وأنى أرى إلياس العماري في مقر الحزب وما لذلك من دلالات واضحة على اختفاء الخطوط الحمراء لأنني كنت على قناعة تامة يوم المجلس الوطني أن السؤال الذي علينا أن نطرحه على أنفسنا بعد أن أعفي السيد بنكيران من مهمة تشكيل الحكومة هو: هل نصطف في المعارضة أم نقبل الدخول للحكومة برجل آخر؟ وبما أن الرجوع الى المعارضة لم يكن مطروحا فكان اختيار تشكيل الحكومة بالإجماع، وبما أننا إن وضعنا نفس الشروط في تشكيل الحكومة فإننا سنحصل على نفس النتائج كان لابد من أن نسهل الأمور للدكتور العثماني ونترك له إمكانية بدء التفاوض من الصفر، الدكتور العثماني لم يتصرف من نفسه، أيده المجلس الوطني والأمانة العامة والأمين العام نفسه لم تفته فرصة إلا جهَرَ بتأييده لخلفه في تشكيل الحكومة حتى يستوعب الجميع أن الدكتور لا يأخذ المبادرات من نفسه وإنما يأخذها بالاتفاق مع إخوته بالحزب، وما حضور السيد الرميد إلى جانبه أثناء إعلانه عن تشكيل الحكومة السداسية التكوين إلا دليل على أن الدكتور لم يخن العهد ولم يخرج عن توصيات المجلس الوطني ولا عن إرادة أعضاءه ولذلك فلنقفل قوس الاتهامات بالخيانة والانبطاح لرجل قدمناه قربانا للدولة.
بعد أن تسرب لرواد الفايسبوك خبر دخول الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة، وقعت حالة عله ورعب وكأنها القيامة، هونوا من روعكم وحتى تهدؤوا أنصحكم بالاستماع إلى كلمة السيد بن كيران قبل قليل أثناء انعقاد هيئة مرشحي الحزب لعضوية الحكومة، وأتوجه بكلامي هذا إلى أعضاء الحزب والمتعاطفين معه ممن أدلوا بأصواتهم له. أما الباقي وسأعرضهم فئة فئة:
-الممتنعين عن التصويت عن إرادة: بكاؤكم ونحيبكم المصطنع واتهاماتكم بالخيانة لن يصدقها حتى طفل في الثامنة من العمر، فإن شرحت له وطلبت منه أن يعدل بيننا وقلت له أنكم كُنتُم تنادون بالمقاطعة وعندما احتل الحزب الرتبة الأولى بمعجزة اتهمتموه بالخيانة لأنكم تعتقدون أنه تحالف ضدا عن إرادتكم، جواب الطفل سيكون: وماهي إرادة منقطع عن ممارسة واجبه وحقه كمواطن، قد ساهمتم في ما تسمونه بالجريمة فلا تدعوا الحزن.
-الممتنعين عن التصويت عن قلة وعي: لم تفهموا أهمية التصويت للحزب الأصلح لتسيير الوطن لمدة خمس سنوات؟ وفهمتم دلالات دخول الاتحاد الاشتراكي من عدمه إلى الحكومة؟ تكاسلتم عن التسجيل في اللوائح الانتخابية وتكاسلتم عن التوجه لمكاتب التصويت والآن اجتهدتم في السب والشتم، لعمري إنه النفاق بعينه.
-الناخبين الذين باعوا أصواتهم: بعتم أصواتكم مقابل دريهمات معدودة أو مقابل عشاء دسم وخرجتم تمسحون المرق عن وجوهكم بأكمام ثيابكم والابتسامة الماكرة تعتلي شفاهكم، ممن تسخرون وبمن تمكرون؟. تمكرون بالوطن؟ مثلكم مثل رجل يسرق مالا من حسابه ليبذره، تمكرون بأنفسكم ولا تدرون، والآن لم يكفيكم أن بعتم وطنكم فبعتم ما بقي من احترامكم لأنفسكم وأنتم تصرخون في وجه مناضل شريف تنعتونه بالخيانة. -الناخبين وأعضاء الأحزاب الإدارية: أخجل وأنا أرى تعليقاتكم تدعون فيها الحزن على حزب العدالة والتنمية وعلى السيد بنكيران وبداخلكم ترقصون فرحا، صوتتم لمجموعة انقلابيين على الديمقراطية اجتمعوا يوم الثامن أكتوبر ورموا القسم على عرقلة الحكومة وعلى الانقلاب على أصوات المواطنين، آخر من لديه الحق في إبداء الرأي أنتم، فلتكونوا أقوياء صريحين مع أنفسكم ومع الناس وأعلنوا انتماءكم بكل فخر وليقل من منكم اشتراكي أنا اشتراكي ومن منكم استقلالي أنا استقلالي ومن منكم من الأحرار أنا من الأحرار ومن منكم بامي أنا من البام، عجبا كيف أصبح الشعب المغربي كله ناخبا للعدالة والتنمية وقد أصبحتم كلكم منتقدين له بلسان واحد يكرر نفس الجملة: قد منحناكم صوتنا وقد خنتم.
سأخبركم شيئا، لم يحزني دخول الاتحاد الاشتراكي ومن يتابع صفحتي يعلم حدة انتقادي له، بقدر ما أحزنني أبناء تنظيم التحقت به لما رأيت بين أعضائه من احترام، وما إن مروا بامتحان صغير أصغر مما مر به مؤسسي الحزب من سجن وتضييق حتى رموا المبادئ وراء ظهورهم ليشتموا بكل جرأة وقلة حياء قياديين أفنوا عمرهم في النضال وعانوا المرار والسجن حتى صار الحزب إلى ما هو عليه اليوم، أحزنني أن أرى أحدهم التحق إلى الحزب حديثا يتحدث باسمه ثم يستهزئ من مناضل أكبر منه سنا وفِي فضاء مفتوح بدعوى حرية التعبير، ناسيا أن الرأي حر والقرار ملزم، متناسيا أنه حزب مبادئ وما أحبه الشعب إلا لتلك الميزة.
أختم قولي بأن السيد بنكيران كان واضحا في موقفه من قرار الأمانة العامة وعلى رأسها الدكتور العثماني وقدم دعمه له من البداية إلى النهاية، مرجحا في ذلك مصلحة الوطن أولا ثم الحزب ثانيا على حساب مصلحته، ولذلك إن كُنتُم تريدون التفرقة فانظروا لكم موضوعا آخر غير التظاهر بالدفاع عن السيد بنكيران.
بأعمالكم هذه تدمرون الحزب الذي أفنى فيه عمره هو ورفاقه منهم من لازال إلى جانبه يقف معه وقفة رجل واحد ومنهم من قضى نحبه، لا تدمروا الحزب بدعوى الدفاع على بنكيران فمنذ
متى سكت بنكيران عن الحق؟