كيمية العياشي
اسمحوا لي أن أعود بكم، معشر الإخوة والأخوات،إلى الحلقة التلفزية التي قدمتها قناة Télé Maroc حول ملف “أساتذة التعاقد”،والتي جمعت بين ممثل التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد،الأستاذ حميد الحواصلي،ومدير الأكاديمة الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملال خنيفرة،السيد مصطفى السليفاني.
ما استفزني وأثار استغرابي وقتها السؤال الذي طرحه مدير الأكاديمية على السيد الحواصلي بالقول: أين الضمير عندما يَضْرب الأستاذ ويذهب ليمارس أعمالا مدرة للدخل؟!!
وهو بالمناسبة سؤال خارج سياق النقاش الذي كان ينتظر منه تقريب وجهات النظر،وإنضاج الأفكار حول ملف التعاقد التي يمكن أن تهيء الأجواء لحوار جاد ومسؤول بين الوزارة والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد،لكن للأسف التعالي والاستئساد وإطلاق التهم يظل أسلوب كثير من مسؤولينا،مما يجعلهم يعمقون المشاكل من حيث يريدون حلها.
وأنا أعيد طرح نفس السؤال على السيد مصطفى السليفاني،بالقول:
أين الضمير عند صانعي القرار ومن يساعدهم في تدبير قطاع التعليم،وأقصد مديري الأكاديميات الجهوية،عما شاب عملية صرف 43مليار درهم لتنزيل المخطط الاستعجالي من اختلالات خطيرة وسوء تدبير،حسب ماجاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات.
أين الضمير عندما نفيء أبناء الشعب إلى تلاميذ يدرسون في مدرسة خصوصية، تتوفر فيها كل شروط التعلم الجيد والفعال،تؤهلهم ليصبحوا أطباء ومهندسين ووزراء…،وتلاميذ يدرسون في مدرسة عمومية تفتقر لأبسط الوسائل التعليمية،حجراتها إسطبلات،وفضاؤها مشرع للبهائم والغرباء والمدمنين،لتفرخ مزيدا من المعطلين،وتزيد في تعميق الهشاشة والفوارق الطبقية،في تناقض صارخ مع مبادئ الدستور والقوانين الإنسانية؟!!
أين الضمير عند أعضاء الحكومة التي نصبتك،عندما صرحوا قبل الانتخابات بضرورة دمج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد في الوظيفة العمومية،ليتنكروا لوعودهم بشكل مخجل وغير أخلاقي بعد أن اعتلوا سدة التدبير الحكومي؟!!
أين الضمير عندما تهدر أربع سنوات من الزمن المدرسي للتلميذ،ومازالت الوزارة تماطل في إدماج الأساتذة في الوظيفة العمومية،خاصة عندما يأتيك جواب من أهل الاختصاص وزير المالية،السيد بنشعبون،الذي صرح على الملأ أن حل ملف التعاقد لن يكلف الدولة درهما واحدا؟!!
أين الضمير عندما تضحي الوزارة بمستقبل جيل من أبناء هذا الوطن مقابل كسب ود صندوق النقد الدولي؟
أين الضمير،وأين الحرص على الأهداف التربوية،عندما تفكر الوزارة في إشراك غرباء على الحقل التربوي من أجل تقديم الدعم للتلاميذ،في تناقض صارخ مع الشعارات التي أعلنتها،من كفاءة وجودة…،والتي بموجبها أقصت شريحة عرضية من شباب الوطن من المشاركة في مباراة التعليم؟!!
وأخيرا أين الضمير عندما يتقاضى مسؤولو القطاع أجورا خيالية وتعويضات سمينة وهم في مكاتبهم المكيفة،وتخصص لهم سيارات فارهة،في الوقت الذي يتقاضى فيه الأستاذ أجرا زهيدا لا يكفيه لتلبية أبسط متطلبات الحياة،مضحيا بمصالح أسرته،معرضا حياته لشتى أنواع المخاطر،في الصحاري وبين الجبال،وفي غياب دوره لن ينفع المنظومة لا وزير ولا مدير أكاديمية ولا مدير إقليمي…؟!!