بغض النظر عن المشاكل التي تمر بها، وعن مدى صعوبتها وقسوة الموقف، فهناك شخص آخر يعاني من مشكلة أكثر صعوبة، ويمر بموقف أكثر سوءًا، فهناك أشخاص يواجهون المرض العضال في المشافي، وهناك أشخاص يعيشون بدون مياه نظيفة، وهناك هؤلاء الذين يعانون من ويلات الحروب.
لذا إذا كنت تشعر بأن مشكلتك أخف وطأة من تلك المشاكل السالف ذكرها، فهل ستتحلى بالشجاعة الكافية لمشاركتها على المواقع الإلكترونية؟
قد يبدو التنفيس أو كتابة ما تشعر به على وسائل التواصل الاجتماعي غير ضار، أليس كذلك؟ لأنك تشعر أن على الأشخاص المحيطين بك معرفة أنك تمر بوقت عصيب أو أنك تعرضت للظلم، ولكن لماذا تحتاج إلى ذلك؟ هل تبحث عن التعاطف؟ أو ربما تريد أن تحظى ببعض الاهتمام؟
كيف تستطيع التعبير عن مشاكلك؟
وأظهرت الأبحاث التي أجرتها مؤسسة الصحة النفسية أن المشاركة والتحدث عن المشاكل مفيد لصحتك العقلية، ولكن ما هو المكان المناسب الذي يجب أن تعبر فيه عما يدور بداخلك؟ ومن هم الأشخاص الذين سيساعدونك على تعزيز ثقتك بنفسك؟
خلصت الأبحاث أن الأشخاص الذين يحترمونك ويحبونك والذين تثق فيهم سيساعدونك على ذلك، وربما تكون الدائرة أصغر مما تعتقد، وبالتأكيد ليست قائمة متابعيك على تويتر، أو أصدقائك على فيسبوك.
وفي الواقع، فإن كتابة مشاكلك ونشرها على المشاع قد يكون له تأثير ضار جدًا عليك، وقد تعوق تقدمك وتؤثر على نجاحك؛ لأنك قد تبدو كشخص غير قادر على التحكم في نفسه، وعاجز عن التحكم في مصيره، وليس لديه خطة، كل ما في الأمر أنك تبكي وتنوح وتدع الحياة تفعل فيه ما يحلو لها.
أضرار نشر مشاكلك على مواقع التواصل الاجتماعي؟
على المدى القصير، سوف يتعامل معك الناس على أنك شخص يتخذ قرارات سيئة، أو أنك سيئ الحظ، أو يميل إلى الدراما التي ليس لها داع. وعلى المدى الطويل، سوف تستنزف مشاعر الناس ما يدفعهم إلى تجنبك وتجاهل شكوتك المستمرة.
عليك أن تعلم أنه لا عيب في ألا تملك كل الإجابات، وأنه من الطبيعي أن تمر بوقت عصيب، ولكنك لا تحتاج إلى الإعلان عن الأمر والكشف عن ذلك أمام الجميع.
بإمكانك التحدث عن المواقف العصيبة والمؤلمة بعد أن تتجاوزها؛ لأن كتابة المنشورات التي تعبر فيها عن حزنك وألمك على وسائل التواصل الاجتماعي غير مفيد تمامًا، فالأشخاص الآخرون ليسوا مسؤولين عن سعادتك، في أفضل الأحوال، ستثير مشاركتك لمشاكلك درجة صغيرة جدًا من تعاطفهم، وفي أسوأ الأحوال قد تبدو مثيراً للشفقة.
هل تعتقد أن الآخرين ليس لديهم مشاكل وأنهم يعيشون حياتهم دون أي أزمات؟، عليك أن تعلم أن المشاكل التي تواجهها سبق أن واجهها أشخاص آخرون قبلك، فأنت لم تكن أول شخص يختبر هذا الموقف أو يعيش هذه الحالة، ولن تكون أول من يحلها.
هناك نوعان من البشر، هؤلاء الذين يتعاملون مع كل شيء بطريقة درامية جدًا، ويجعلونها بطريقة أو بأخرى مشكلة الآخرين، وهؤلاء الذين يجعلون الأمور تبدو سهلة، ويبسطون من كل شيء.
لا تشارك كل مشاكلك وكل أمورك الشخصية مع الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، حاول إيصال المعلومات المناسبة والصحيحة، للأشخاص المناسبين وفي الوقت المناسب، قم بمشاركة الأمور عند الانتهاء منها وليس قبل ذلك؛ لأن من حولك ليسوا بحاجة إلى معرفة التفاصيل، ولن يتركوا أعمالهم ومشاغلهم لمتابعة تفاصيل حياتك الدقيقة.
لذلك من الضروري أن تشارك الآخرين أفضل الأشياء التي حققتها، وأن تتحدث عن إنجازاتك، ستبدو إنسانًا خارقًا، اجعل الأمور تبدو بسيطة وسهلة، فهذا في النهاية سيصب في مصلحتك.