24 ساعة – متابعة
أطلق المغرب ومقاطعة شاندونغ الصينية، اليوم الاثنين، حوارا حول سبل تعزيز الشراكة الاقتصادية بين المملكة وهذه المقاطعة الاستراتيجية التي تعتبر أحد المحركات الرئيسية لاقتصاد الصين.
وشهدت هذه الدورة، التي تندرج في إطار مبادرة مقاطعة شاندونغ تحت شعار “جسر نحو إفريقيا”، مشاركة ممثلين عن أكثر من 80 شركة صينية متطلعة لاستشكاف فرص الاستثمار بالمغرب.
وفي كلمة خلال افتتاح هذه الدورة، أكد سفير المغرب بالصين، عزيز مكوار، أن هذا النوع من اللقاءات من شأنه أن يعمق روابط الصداقة والتفاهم المتبادل بين البلدين.
وأعرب عن فخره لكون المغرب كان أول بلد إفريقي تتم دعوته لميلاد المنصة الجديدة “جسر نحو إفريقيا”، مشيرا إلى أن هذه المنصة تستمد قوتها من الروابط الأخوية والعريقة بين الصين والقارة الإفريقية.
وأبرز السفير أن “الحوار بين المغرب وشاندونغ”، الأول من نوعه بين المملكة ومقاطعة صينية، يستمد جوهره من العلاقات الممتازة بين المغرب والصين، مسجلا أن هذه العلاقات طبعتها على الدوام الصداقة والتفاهم والاحترام المتبادل.
وبعد أن ذكر بالاحتفال الأخير بالذكرى 63 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والصين، أشار مكوار إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والرئيس شي جين بينغ أرسيا، في ماي 2016، لبنات تجديد هذه العلاقة النموذجية خلال الزيارة التي قام بها جلالة الملك إلى بكين.
وأضاف أنه خلال هذه الزيارة، أبرم القائدان شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد ترتقي إلى طموحاتهما، لافتا إلى أنه قد تم اتخاذ خطوات مهمة منذ إقامة هذه الشراكة.
واستحضر السفير، في هذا السياق، انضمام المملكة إلى مبادرة الحزام والطريق في سنة 2017، والتوقيع في 5 يناير 2022 على خطة التنفيذ المشترك لهذ المبادرة.
وقال، إن الحوار بين البلدين يندرج في إطار استمرارية التقارب الدائم بينهما، منوها إلى أن هذا الحوار يحمل في طياته بشائر الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى تميز العلاقات السياسية بين الرباط وبكين.
وسجل مكوار أنه في حين أن الصين تعد ثالث أكبر شريك تجاري للمغرب منذ عدة سنوات، فإن المبادلات الثنائية لم تستثمر بعد إلى إمكاناتها الحقيقية، مشددا على أن الحوار “الذي نطلقه، وعلى الأخص في صيغته المبتكرة، يشكل فرصة غير مسبوقة”.
وأضاف أن هذا الحوار سيمكن من تحديد وتفعيل سبل التعاون التي لم يتم استكشافها بعد، معربا عن تفاؤله بشأن نجاح هذه الصيغة الجديدة للمحادثات، خاصة وأنها تنطلق من واحدة من أكثر الجهات دينامية في الصين.
وتابع قائلا: “إنه نموذج جديد للتعاون يتم اختباره اليوم”، مشيرا إلى أن أقاليم مغربية وصينية أخرى بإمكانها الاستفادة من هذا الحوار الجديد.
ولفت إلى أن هذه المقاربة الجديدة، إلى جانب مزاياها الاقتصادية، من شأنها بناء جسور ثقافية والمساهمة في تحقيق تفاهم أفضل بين الشعبين، مؤكدا أن هذا الحوار الأول سيكون حاسما في المستقبل لتنفيذ المبادرات والمشاريع المشتركة التي ستتمخض عن هذه المحادثات.
من جهتها، قالت المستشارة الاقتصادية لسفارة الصين بالرباط، يانغ باي باي، إن اللقاء يشكل أرضية للتبادل المثمر بين مختلف المتدخلين حول فرص الأعمال بالمغرب والاستفادة من الإمكانات الهامة للتعاون الصيني-المغربي من خلال منصة “جسر نحو إفريقيا”.
وأشارت إلى أن المغرب يتمتع بموقع جيوستراتيجي كهمزة وصل بين أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا.
وبعد أن ذكرت بالتقدم الذي حققه المغرب في العديد من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الفلاحة والصيد البحري والسيارات والسياحة والطاقات المتجددة، أبرزت الدبلوماسية الصينية أن المغرب اعتمد مؤخرا نموذجا تنمويا جديدا أسفر عن تحقيق نتائج إيجابية.
وأكدت أن التوقيع، في يناير المنصرم، على خطة التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق يفتح صفحة جديدة في التعاون الاقتصادي الصيني-المغربي.
وسجلت المتحدثة ذاتها، نقلا عن إحصاءات للجمارك الصينية، أن حجم التجارة الثنائية بين المغرب والصين بلغ رقما قياسيا في سنة 2021، ليرتفع إلى 6.52 مليار دولار، مسجلا نموا نسبته 36.6 في المائة على أساس سنوي، لافتة إلى أنه، في المقابل، ارتفعت الواردات الصينية من المغرب بنسبة 38.5 في المائة.
ولم يفت يانغ الإشادة بالجهود التي بذلها المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مكافحة جائحة كوفيد-19.
ونوهت إلى أنه قد تم تحقيق نتائج إيجابية مهمة في هذا الصدد، مشيرة إلى التعاون بين المغرب والصين في مجال البحث والتطوير في مجال اللقاحات.
يشار إلى أنه خلال افتتاح جلسة الحوار، شاهد المشاركون شريطين مؤسساتيين يرصدان مختلف الإمكانات الاقتصادية للمغرب وإقليم شاندونغ.
وتمحورت الدورة الأولى من الحوار بين المغرب وإقليم شاندونغ، التي تم تنظيمها تحت عنوان “الحوارات الاقتصادية المغربية-الصينية” التي أطلقتها السفارة المغربية في الصين سنة 2022، على قطاعات البناء والسيارات والآلات والتصنيع واستكشاف المعادن والصادرات الفلاحية والصناعات الدوائية والكيميائية.
وتعد “جسر إلى أفريقيا” منصة خدمات أطلقتها مقاطعة شاندونغ بهدف تسريع تكريس مكتسبات المؤتمر الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي وتوسيع انفتاح مقاطعة شاندونغ على العالم.
وباعتبارها قطبا يجمع بين مختلف الفاعلين الحكوميين والصناعيين والأكاديميين والماليين والاقتصاديين المنخرطين في التعاون مع إفريقيا، فإن المنصة تسعى إلى جعل شاندونغ مقاطعة نموذجية لتنظيم الأنشطة في إطار منتدى التعاون الصيني-الإفريقي.
وتعتبر شاندونغ، التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة، واحدة من أكبر المقاطعات الصينية من حيث الكثافة السكانية. كما تعد ثالث “قوة اقتصادية إقليمية” بهذا البلد بناتج داخلي خام بلغ 129 مليار دولار أمريكي سنة 2021.
وتزخر هذه المقاطعة بالموارد الطبيعية، بحيث تعد احتياطياتها من الخام من ضمن أكبر الاحتياطيات في البلاد. وتتخذ 48 شركة، من أصل أكبر 500 شركة في الصين، من شاندونغ مقرا لها. كما تعتبر الصناعات الغذائية وصناعة الورق واستخراج الذهب وتصنيع الإطارات الأكبر في الصين من حيث رقم المعاملات.
وتحتل المركز الثاني على المستوى الوطني في مجال الصناعة الخفيفة والصناعات التحويلية وإنتاج مواد البناء، والثالث في قطاع السيارات والمعادن.