الرباط-عماد مجدوبي
صرحت الحكومة أن عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية حققت نتائج كبيرة جدا، حيث تم التصريح بأزيد من 127 مليار درهم من الأرباح والدخول غير المصرح بها قبل بداية السنة الجارية، فكانت هذه العملية محور العديد من الأسئلة التي تبادرت على ذهن المواطنين، أهمها هل هذه التسوية الطوعية “تحصن المعنيين بها من كل الملاحقات القضائية الممكنة بشأن مصادر الأموال وغير ذلك”.
وكان الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الخميس الماضي، قال: “إن هذه العملية ساهمت في تعزيز خزينة الدولة بما يناهز 6 مليارات درهم.
حيث أوضح بايتاس أن الهدف من هذه التسوية الطوعية كان تشجيع الملزمين على التصريح بمداخيلهم غير المصرح بها سابقا، مضيفا إلى أن النتائج التي تحققت تعكس نجاحا كبيرا للعملية، حيث ساهمت في تعزيز الثقة بين الإدارة الضريبية والملزمين.
وأشار الوزير إلى أن العائدات الجبائية التي حققتها هذه العملية ساعدت الدولة في مواجهة عدد من التحديات المالية، لاسيما تغطية نفقات الحوار الاجتماعي وزيادة الأجور، بالإضافة إلى دعم قطاعات حيوية مثل النقل والكهرباء.
وفي السياق ذاته صرح جواد لعسري، منسق ماستر الحكامة القانونية والقضائية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن التسوية الطوعية التي نصت عليها المادة السابعة من قانون مالية سنة 2024 تهدف إلى إعفاء الملزمين من المساءلة الضريبية عن الفترات السابقة المشمولة بالتسوية، معتبرا أن هذه العملية تغل يد مصلحة الوعاء الضريبي في إصدار أو تصحيح الدين الضريبي عن تلك الفترات.
وشدد الدكتور لعسري في ذات التصريح مع ” 24 ساعة” قائلا: “إن انخراط الخاضع للضريبة في هذه العملية يعفيه من المساءلة الضريبية فقط، ولكن إذا ثبت أن الدخل أو الربح الذي حققه الملزم جاء من مصدر غير مشروع ويقع تحت طائلة قانون العقوبات، فإن ذلك لا يمنع من تحريك الدعوى العمومية، مؤكدا أن التسوية الجبائية لا تشكل بأي حال من الأحوال حصانة قانونية تمنع من مساءلة المعنيين في حالة وجود جرائم مالية.
وأضاف المتحدث، أن التشريع الضريبي يتمتع بخصوصية تجعله مستقلا عن باقي القوانين، حيث تنص المدونة العامة للضرائب على أن التسوية الطوعية تشمل الدخول المهنية، الدخول العقارية، دخول رؤوس الأموال المنقولة، الدخول الفلاحية، دخول الأجر، وغيرها من الدخول الخاضعة للضريبة على الدخل.
وأفاد لعسري أن التشريع الضريبي يركز على معالجة الوضعيات الضريبية بشكل مستقل عن باقي التشريعات، إلا أنه يرتبط بإشكالية قانونية أخرى تتعلق بدخول الموظفين العموميين التي تحصل خارج الأجر المصرح به، مشيرا إلى أن هذا الوضع يظل قانونيا في غياب تشريع ينظم الإثراء غير المشروع.
وخلص الدكتور لعسري إلى أن المغرب سبق له أن صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، إلا أن القانون المتعلق بالإثراء غير المشروع لم ير النور بعد، مؤكدا أن غياب هذا القانون يطرح تساؤلات حول مدى فعالية الإطار القانوني الحالي في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية المالية.
مضيفا في حديثه، بالتأكيد على أهمية استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بالشفافية المالية، وأن الإصلاحات الجبائية الحالية تشكل خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى قوانين مكملة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، وعلى رأسها محاربة الإثراء غير المشروع وتكريس ثقافة الامتثال الضريبي.