قال وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن مشروع القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير ممتلكاتها يحمل تغييرات ومستجدات جوهرية خاصة على مستوى تكريس المساواة بين المرأة والرجل، أعضاء الجماعة السلالية، في الحقوق والواجبات طبقا لأحكام الدستور.
وأكد لفتيت، خلال تقديمه لمشروع القانون أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، أن مشروع القانون الذي سيحل محل الظهير الشريف الصادر بتاريخ 27 أبريل 1919 يتوخى تحيين المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالجماعات السلالية وأعضائها ونوابها، وتقييد اللجوء إلى العادات والتقاليد في تدبير شؤون الجماعات السلالية واستغلال أراضيها واعتمادها في الحدود التي لا تتعارض مع النصوص القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل.
كما يهدف مشروع القانون، حسب الوزير، تحديد كيفية اختيار نواب الجماعة السلالية والالتزامات التي يتحملونها وكذا تلك التي يتحملها أعضاء الجماعة والجزاءات المترتبة عن الإخلال بهذه الالتزامات، وإعادة تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية من خلال إحداث مجالس للوصاية على الصعيد الإقليمي تتكلف بمواكبة الجماعات السلالية في التدبير العملياتي وحماية الأملاك الجماعية وتصفية وضعيتها القانونية، إلى جانب مجلس الوصاية المركزي الذي يختص أساسا بتحديد المبادئ العامة لتدبير الأراضي الجماعية والبرمجة والتتبع والمراقبة.
ويتوخى مشروع القانون أيضا فتح إمكانية تمليك الأراضي الجماعية المخصصة للحرث لفائدة أعضاء الجماعة السلالية من أجل تمكينهم من الاستقرار في هذه الاراضي وتشجيعهم على الاستثمار بها وفتح إمكانية تفويت الأراضي الجماعية للفاعلين الاقتصاديين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار، الشيء الذي سيمكن من إدماج الرصيد العقاري الجماعي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة.
كما تضمن المشروع، حسب لفتيت، إعادة النظر في كيفية كراء العقارات الجماعية من أجل تشجيع الاستثمار وخاصة في الميدان الفلاحي وتحديد مدة الكراء حسب نوعية المشروع الاستثماري، وترتيب عقوبات زجرية ومالية في حالات الترامي بدون وجه حق أو منع أو عرقلة مسطرة تحفيظ أملاك الجماعات السلالية أو عرقلة تنفيذ المقررات الصادرة عن مجلس الوصاية أو إعداد والمشاركة في صياغة وثائق تتعلق بنفي الصبغة الجماعية أو تفويتها أو التنازل عنها.
وفيما يتعلق بدواعي مراجعة وإعادة النظر في الظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919، أوضح الوزير أنه لا يمكن المجادلة في أهمية أحكام الظهير الشريف والضمانات التي وفرها للدولة من أجل الحفاظ على الممتلكات المملوكة للجماعات السلالية وصيانتها وتأمين الانتفاع بها وتيسير تعبئتها لإنجاز مشاريع وطنية كبرى، غير أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية للمجتمع عموما قد أبانت منذ سنوات خلت أن القانون المؤطر لأراضي الجموع قد وصل إلى مداه وأبان عن محدوديته، مبرزا أن هذه الأراضي تتموقع في الوقت الراهن في صلب إشكالية التنمية بالوسط القروي اعتبارا لأهمية هذه الأراضي ومساحاتها واتساع رقعة تواجدها وعدد الساكنة المرتبطة بها، وأيضا بسبب ما يرتبط بها من رهانات اقتصادية واجتماعية وحقوقية وقانونية وبيئية.
وأضاف أن ما يزيد من حدة هذه الرهانات هي التحولات العميقة التي عرفتها الأراضي الجماعية على مدى قرن من الزمن أي منذ صدور ظهير 27 أبريل 1919، مؤكدا أن أقوى هذه التحولات تتمثل في التزايد المسترسل لساكنة وأعضاء الجماعات السلالية وما ترتب عن ذلك من تكاثر عدد ذوي الحقوق وانتقالهم من نمط استغلال محكوم بالأعراف الجماعية وتداول الاستغلال، إلى منطق الحيازة الدائمة للقطع الأرضية وتوارثها مما ساهم في تفتيت الوعاء العقاري ضدا على مقومات المنطق الاقتصادي.
كما تتمثل هذه التحولات، وفقا للفتيت، في تنامي الضغط على المناطق الرعوية بشكل أجج النزاعات بين الجماعات السلالية حول حقوق الملكية والاستغلال حيث أصبحت هذه الظاهرة تهدد استدامة الموارد الطبيعية بالمناطق الرعوية، وتوسيع المجالات الحضرية وتزايد الطلب على الأراضي الجماعية تلبية لحاجيات السكن والمرافق العمومية والأنشطة الاقتصادية، مشيرا إلى أنه بفعل هذا التوسع غير المعقلن وغير المضبوط تحولت الأراضي المعنية داخل المدن والتجمعات السكنية ومحيطها القروي إلى رهان قوي بالنسبة للمصالح والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والخواص وذوي الحقوق أنفسهم الشيء الذي أدى إلى تفشي المضاربة العقارية واتساع رقعة البناء مما ألحق أضرارا ملحوظة بمصالح ذوي الحقوق.
وبخصوص المعطيات الأساسية حول الجماعات السلالية وأملاكها، أفاد الوزير، بأن مساحة الأراضي المملوكة للجماعات السلالية تناهز حوالي 15 مليون هكتار وتستفيد منها ساكنة تقدر بحوالي 10 ملايين نسمة، موزعة على خمسة آلاف و43 جماعة سلالية يمثلها ستة آلاف و532 نائب ونائبة، مشيرا إلى أنه يمكن تصنيف هذه الأراضي من حيث استعمالها إلى أراضي فلاحية واقعة داخل الدوائر السقوية (337 ألف هكتار)، وأراضي واقعة داخل المدارات الحضرية وشبه الحضرية أو داخل التجمعات السكنية (حوالي مليون هكتار)، وأراضي فلاحية بورية (حوالي 2 مليون هكتار)، وأراضي غابوية (حوالي 65 ألف هكتار)، وأراضي رعوية (حوالي 11 مليون هكتار).