نجيب الأضادي
لقد كرس مؤتمر بوزنيقة الشرعية الدولية وهو يتقاطع في ذلك مع مؤتمرالصخيرات، لأنه اللقاء الأول الذي جمع بين كل من يريد بناء الدولة الليبية ولم يقصي أحدا .
وفي الأجندة وفي هذه الظرفية الزمنية، بالذات يعتبر لقاء بوزنيقة محطة مهمة لتدارك وقراءة الأخطار التي تهدد تركيا واليونان وتهدد البحر الأبيض المتوسط .
فأطراف النزاع في ليبيا اليوم لم تعد فقط بين السراج وحفتر ، ولكن أصبحت هناك قوى إقليمية وقوى دولية وتضارب مصالح استراتيجية ومصالح إقتصادية ومصالح أمنية ،ولن ترى كثير من الدول بعين الرضا لما يقوم به المغرب.
فالمملكة المغربية الدولة الوحيدة في شمال إفريقيا التي ليس لها حدود مع ليبيا وليست لها اية مصلحة استراتيجية أو إقتصادية أو عسكرية بل فقط تقوم بالوساطة كدولة في الأمم المتحدة في ظرفية صعبة جدا لا يريد أي أحد من الأطراف التنازل .
النقطة المهمة في هذا الموضوع وعلى عكس ما ورد في بعض الصحف المعادية للمملكة فالمغرب لم يجمع طرفي النزاع من أجل اقتسام المناصب السيادية، بقدر ما أكد على أنه ليس لليبيا خيار سوى الخيار السياسي لأنه سيجمع هذا القطر العربي من الشتات ؛وسيحميه من التفكك والإنقسام ،كما لليبيا أيضا الحق في توفير الأمن الصحي لمواطنيها في زمن جائحة كورونا ولا أحد يفكر في المواطن الليبي بقدر ما كل الأطماع تتجه نحو خيرات ليبيا النفطية.
فمحاولة المغرب إذن هي محاولة هادئة ومحاولة محايدة والكل رحب بموقف المغرب في ظرفية ملتهبة بين بعض الدول كتركيا ومصر وفرنسا واليونان وإيطاليا وهذا من جهة .
أما من جهة أخرى فخروج الجزائر بمناورات ومحاولات يائسة للدخول على خط الملف الليبي رغم أنها لها حدود مع ليبيا فإنها لم تأخذ شيئا ولم تحقق شيئا يذكر وبالتالي فقد يحسب للمغرب قياسا بكل الدول المتدخلة في المنطقة ليست له اية مصلحة في ليبيا أنه استطاع لم الشمل وطي صفحة الخلاف ويريد فقط تجميع هذا البلد ولملمة جراحه والحفاظ عليه من التقسيم .
خطوة أولى ربما… لتكون هناك صخيرات أخرى وبوزنيقة أخرى لأن هذا الملف جد معقد ويحتاج لجولات أخرى من الحوار لتصفية كل الخلافات .
فالمغرب من البلدان القلائل الذي يواكب ويناصر الشرعية الدولية وموقفه هذا موقف مشرف لأن الملف الليبي أصبحت فيه اصطدامات بين قوى إقليمية متوسطية وأخرى…
والمغرب يريد قيادة هذا المسلسل وإنجاحه وذلك من أجل ليبيا والليبيين لا غير.
أخيرا لقاء بوزنيقة أول لقاء في دولة تجمع بين أطراف النزاع في منطقة جد متوترة تحضى بدعم ومباركة الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة سيداو (CEDEAO).كل هذه المنظمات الدولية والإقليمية الوازنة أمتنت بالشكر للمغرب عل ما حققه بهذا الخصوص بحيث لم يحققه أي من المؤتمرات التي انعقدت من أجل حلحلة الخلاق الليبي سواء مؤتمر صقيلية ،أو مؤتمر باريس ، أو برلين أو أي لقاء آخر، على خلاف لقاء بوزنيقة سيسجل التاريخ أنه لقاء جمع طرفي النزاع وحضي بالثناء والشكر من مختلف الاتحادات والمنظمات الدولية والإقليمية ومن الليبيين أنفسهم.
فهنيئا للمغرب على هذا الإنتصار الدبلوماسي الهادئ الذي يعد سابقة في تاريخ الديبلوماسية المغربية والعربية والإفريقية.