محمد الشمسي
كشف فوزي لقجع الوزير معطى جديدا في قضية أساتذة التعاقد، فبعد أن راهن هؤلاء على الحكومة الجديدة واعتبروها هلال الفرج، خرج عليهم لقجع بما لم يتوقعوه، فالتعاقد والعهدة على لقجع هو سُنة حكومية يشمل أكثر من 200 مؤسسة عمومية، وهناك أكثر من 100 ألف متعاقد وسط كل تلك المؤسسات، ومن باب المساواة القانونية والدستورية يروي لقجع يتوجب طرح ملف التعاقد في شموليته وليس حكره على فئة التربية الوطنية والتكوين دون غيرها.
سبق لي شخصيا أن اطلعت على نسخة من عقد من تلك العقود، كان طبيعيا يحمل توافق إرادتين بين إيجاب وقبول، لطرفين يفترض فيهما العلم والمعرفة المانعان للجهالة واللبس، وبالرجوع الى مبادئ وقواعد سلطان الإرادة وعيوب الرضى وأركان العقود فإن العقد صحيح منتج لكافة آثاره، ولا يمكن لأحد طرفيه أن يتحلل منه، أو أن يمنح لنفسه الحق في تفسيره تفسيرا بعيدا عن سياقه، او الضغط لحشو شرط أو رفع آخر منه، فالعقد شريعة المتعاقدين كما يقول أهل القانون والدستور، لكن سرعان ما تعالت أصوات المتعاقدين تطالب بإلحاقهم بسلك الوظيفة العمومية، وأنهم اضطروا للتوقيع غير عادين ولا باغين، كل ذلك ضدا في بنود العقد التي لم تمنحهم هذا الإلحاق، وقامت القيامة، والضحية ليس هم الأساتذة الذين يتوصلون بأجورهم سواء انتموا للأكاديميات أم للوزارة، وليس الوزارة لأن مقرها لازال في مكانه وموظفيها آمنون مطمئنون، الضحية كانوا هم أبناء الشعب الذين حكمت عليهم الظروف أن يطلبوا العلم ولو في مدارس حكومية.
أتى لقجع بدفع جديد في الحرب المفتوحة بين الحكومة وأساتذة التعاقد، دفع شبيه بالعودة لتقنية “الفار” في كرة القدم إذا استشكل أمر على الحكام، دفع يقوم على “إما ندمجو كلشي أو مندمجوش كلشي”، ويقول “هناك تسلل في طلب الإلحاق”، ويحسم بالأرقام في حجم كتلة الأجور التي يراها تستنزف ميزانية الدولة، وكأنها صدقات وليست أجور لها عائدات… وهو دفع يهمس في آذان باقي الموظفين المتعاقدين الى تأسيس تنسيقيات والخروج للشارع.
في المجمل ألمح لقجع الى أن قضية أساتذة التعاقد أعقد مما كانت تتوقعه الحكومة السابقة ومعها الأساتذة أنفسهم، حين أكد أن الحكومة ستمضي قدما في إبرام تعاقدات جديدة داخل عدد من القطاعات الحكومية على رأسها الصحة، والحكومة بذلك تؤمن إيمانا قويا وراسخا بفعالية الوظيفة بالتعاقد، وكأني به يقول “من شاء فليتعاقد ومن أبى فلا إكراه في التعاقد”، وكأني به يقول”لن نلحق متعاقدا بسلك وزاري”، وما بين رغبة أساتذة التعاقد في الانضمام الى سلك الوزارة ، وقرار الحكومة في اختيار التوظيف الجهوي، أعتقد أن تلاميذ المدارس العمومية “سينخرهم سلك الإهمال والتهميش”، بعد اندلاع حرب وشيكة بين الطرفين.