إعداد-زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة الواحدة والعشرون
لمياء بومهدي ليست مجرد اسم في عالم كرة القدم النسائية المغربية، بل هي قصة ملهمة عن الشغف، الإصرار، والنجاح في مواجهة التحديات، بخطوات ثابتة أصبحت لمياء أول امرأة افريقية وعربية تقود نادي تي بي مازيمبي الكونغولي إلى التتويج بلقب دوري ابطال افريقيا للسيدات.
وُلدت لمياء بومهدي في 27 شتنبر 1983 بمدينة برشيد، حيث كانت بداياتها مع كرة القدم في الأحياء الشعبية، وسط مجتمع لم يكن فيه تقبل كبير لممارسة النساء لهذه الرياضة، لكنها آمنت بحلمها وتحدت كل العقبات لتصبح واحدة من أبرز الأسماء في تاريخ كرة القدم النسائية في المغرب وإفريقيا.
بدأت بومهدي مسيرتها كلاعبة في مركز الهجوم، حيث برزت بفضل موهبتها الفريدة في تسجيل الأهداف وقيادة خط الهجوم، لعبت مع نادي يوسفية برشيد، قبل أن تخوض تجربة احترافية مع نادي الصداقة اللبناني، حيث تألقت بشكل لافت، مما جعلها تحصل على شارة قيادة المنتخب الوطني المغربي للسيدات.
لم تكن لمياء مجرد لاعبة عادية، فقد عُرفت بروحها القتالية وتأثيرها الكبير داخل وخارج الملعب، مما جعلها تكسب احترام زميلاتها ومدربيها، وعلى الرغم من قلة الموارد والدعم في تلك الفترة، استطاعت أن تكون إحدى الركائز الأساسية في تشكيل منتخب المغرب للسيدات.
بعد اعتزالها اللعب، لم تبتعد لمياء بومهدي عن معشوقتها كرة القدم، فاختارت دخول عالم التدريب في وقت كان نادرًا ما نرى فيه نساءً في هذا المجال، خصوصًا في الوطن العربي.
بدأت مسيرتها التدريبية مع نادي الوداد البيضاوي للسيدات بين عامي 2015 و2016، قبل أن تحصل على فرصة تدريب منتخبي المغرب للناشئات والشابات بين 2017 و2020.
في فترة إشرافها على الفئات الصغرى، ركزت بومهدي على التكوين والاهتمام بالمواهب الشابة، حيث نجحت في تأهيل المنتخب المغربي للشابات إلى نهائيات كأس إفريقيا 2020، وهو إنجاز لم يسبق له مثيل في تاريخ الكرة النسائية المغربية.
لم تتوقف طموحات بومهدي عند حدود التدريب محليا، بل أثبتت جدارتها في القارة الإفريقية، ففي عام 2023، حققت إنجازًا تاريخيًا عندما أصبحت أول مدربة مغربية وعربية تتولى تدريب فريق تي بي مازيمبي الكونغولي للسيدات، وهو واحد من أكبر الأندية في إفريقيا. لم يكن هذا المنصب مجرد لقب، بل كان تتويجًا لمجهود سنوات من العمل الجاد والكفاح في عالم يسيطر عليه الرجال.
نجحت بومهدي في قيادة تي بي مازيمبي الكونغولي إلى منصات التتويج بعدما قادته للظفر بلقب دوري ابطال افريقيا للسيدات الذي نظم بالمملكة المغربية.
تُوجت مسيرة بومهدي الحافلة بالإنجازات بحصولها على جائزة أفضل مدربة لفرق السيدات في إفريقيا لعام 2024، وهو اعتراف بمكانتها وتأثيرها الكبير في كرة القدم النسائية، هذا التتويج لم يكن مجرد لقب شخصي، بل كان رسالة لكل النساء في المغرب والوطن العربي بأن الطموح والعمل الجاد يمكن أن يفتح الأبواب المغلقة.
تؤمن لمياء بومهدي بأن كرة القدم ليست مجرد رياضة، بل هي وسيلة لتمكين المرأة، وتغيير العقليات، وتحدي الصعاب. في كل مرة تتحدث فيها عن كرة القدم، تعبر عن شغفها الكبير بهذه اللعبة، وعن رغبتها في رؤية المزيد من النساء في مراكز القيادة.