ترجمة / أسامة بلفقير
قدمت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية اليمينية، تحليلا للمسار الذي تجتاز العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وباريس، والذي وصفته بـ”القطيعة الصماء”، التي لا تشي بحقيقة ما يجري بين بلدين نادرا ما بلغت علاقتهما انحدارا مثل ما هو مؤكد الآن. ففي مقال مطول تحت عنوان “بين باريس والرباط.. أسباب خلاف يتجذر”، سلطت الصحيفة الضوء على ملامح العلاقات المغربية مع فرنسا “إيمانويل ماكرون”، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تكثر نقاط الخلاف بين البلدين من قبيل الموقف الغامض لفرنسا من قضية الصحراء المغربية، وقضية “بيغاسوس” ثم لعب فرنسا بورقة الـ”فيزا”، فإن المغرب يستنكر عجرفة وغطرسة الرئيس الفرنسي.
ووفق “لوفيغارو” فإنه لم يسبق للمغرب وفرنسا أن شهدا حالة تنافر مثل ما هو الأمر عليه الآن، قبل أن تردف بأن من يخوض مشوار البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذا التدهور، يتيه لأنه يخوض في شأن غير واضح المعالم، وسيصبح كمثل باحث عن الكنز في أرض شاسعة دون خرائط أو أدلة تدله على مكانه.
واعترفت الصحيفة بأن الأسباب التي تقف وراء الأزمة المغربية الفرنسية يتم إخفاء مؤشراتها عن عمد، كما أن الرسائل بين البلدين قد تبدو مشفرة من طرف وواضحة من الطرف الآخر، معتبرة أنه في شهر دجنبر 2022، حاولت فرنسا بعث الحوار مع المملكة الشريفة، إبان زيارة “كاثرين كولونا”، وزيرة الخارجية على العاصمة الرباط، وخلالها أعلنت عن انتهاء السياسة الفرنسية في تقييد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة، لكن بلا جدوى.
وحسب “لوفيغارو”، فإن الخلافات بين المغرب وفرنسا شرعت في التراكم منذ اتهام المغرب جزافا باستخدام برمجية التجسس “بيغاسوس”، ومع تخفيض باريس لمنسوب التأشيرات التي تمنح للمواطنين المغاربة بنسبة 50 في المائة، فضلا عن التقارب بين فرنسا والجزائر، وعدم مساومة المملكة الشريفة بشأن قضية الصحراء المغربية، فضلا عن التصويت غير المسبوق للبرلمان الأوروبي ضد المغرب فيما يتعلق بحرية الصحافة إلى قضية “المغرب- غيت”.
وأوردت “لوفيغارو” بأن العلاقات الشخصية بين الملك محمد السادس و”إيمانويل ماكرون” الرئيس الفرنسي ليست على ما يرام، ولا يبدو أن هناك ودا بينهما، رغم أنه تمت دعوة الرئيس الفرنسي وزوجته في عام 2017 خلال زيارته الأولى للمملكة المغربية، خلال حفل إفطار رمضاني، أقيم بالإقامة الخاصة بالملك محمد السادس، وهو اهتمام لا يحظى به غير الأصدقاء المقربون، وبعد ذلك ببضعة أشهر، شارك الملك، برفقة الأمير مولاي الحسن في غداء عمل بقصر الـ”إليزي” بمناسبة قمة المناخ العالمية.
وحسب الصحيفة الفرنسية، فإن القيود الفرنسية على منسوب الـ”فيزا” التي تمنح للمغاربة، الذين كانوا في مقدمة الحاصلين على أكبر عدد من التأشيرات الفرنسية في العالم، فإن الاستياء المغربي لم يتبدد، بعد وهناك دوما مؤاخذات على تعامل الرئيس الفرنسي بغطرسة وعجرفة.
وقالت “لوفيغارو” إن قضية الصحراء المغربية مقدسة عند المغاربة، واكتسبت دفعة قوية منذ اعتراف “دونالد ترامب”، الرئيس الأمريكي بسيادة المملكة الشريفة على صحرائها، وهو أمر جعل المملكة تسعى لاستجلاء حقيقة مواقف الدول الأوربية، خاصة فرنسا، علما أن المغرب حقق أول انتصار له بتخلي إسبانيا عن دعمها لجبهة “بوليساريو”.
ووفق الصحيفة الفرنسية فإن المغرب المدعوم بنجاحاته الدبلوماسية، وبعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، اعتمد مقاربة جديدة، أعلنها الملك محمد السادس، في خاطب العرش الأخير، حينما أكد جلالته على أن العلاقات المغربية مع دول الحلفاء ستتحدد بناء على ولائهم لمواقف المغرب ودعمها بشأن قضية الصحراء المغربية، محيلة على أن ما جاء في الخطاب الملكي بهذا الشأن، كان رسالة موجهة بشكل أساسي إلى فرنسا حتى تراجع دبلوماسيتها بشأن القضية الأولى للمغاربة.