الدار البيضاء-أسماء خيندوف
في خطوة تعكس طموح المغرب لتعزيز مكانته كقوة إقليمية في مجال الصناعات الدفاعية، كشفت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن نية المملكة لاستضافة أول مشروع إفريقي لإنتاج الطائرات المسيرة (الدرون) بالتعاون مع تركيا. ويُتوقع أن يشكل هذا المشروع نقطة تحول كبيرة في تعزيز القدرات الدفاعية للمغرب، فضلًا عن تعزيز مكانته كمركز إقليمي لصناعة الطائرات بدون طيار.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الطموح تجسد مؤخرا بتسجيل شركة “أطلس ديفينس” في المحكمة التجارية بالرباط، مما يسلط الضوء على تعزيز التعاون العسكري بين المغرب وتركيا. ومن المتوقع أن يتضمن المشروع تصنيع الطائرات المسيرة محليًا في المغرب، مما يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق استقلالية استراتيجية في هذا المجال الحيوي.
ووفقا لـ”لوموند”، أثار نشر هذه المعلومات في النشرة الرسمية تساؤلات حول هوية مالكي شركة “أطلس ديفينس”، وهما خالوق وسلجوق بايراقدار، الشقيقان اللذان يديران شركة “بايكار” التركية، إحدى أبرز الشركات المتخصصة في تصنيع الطائرات المسيرة المسلحة. وفي عام 2023، حققت “بايكار” إيرادات ضخمة بلغت حوالي ملياري يورو، مما يعكس الطلب المتزايد على تقنياتها العسكرية المتطورة في عدة نزاعات إقليمية ودولية.
وأشارت الصحيفة إلى أن خالوق بايراقدار يشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة، بينما يشغل سلجوق بايراقدار، المدير التقني، منصبا بارزا في الشركة، وهو معروف أيضا بكونه صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. هذه الصلة السياسية تعزز أهمية التعاون بين المغرب وتركيا في هذا المجال الاستراتيجي.
ولفتت “لوموند” إلى أن المغرب قام، منذ عام 2021، بدمج حوالي عشرين طائرة مسيرة من طراز “بايراقدار تي بي 2” في ترسانته العسكرية، مستخدما إياها بشكل فعال في الصحراء المغربية ضد جبهة البوليساريو. وقد أثبتت هذه الطائرات كفاءتها العالية في عدة صراعات دولية، بما في ذلك النزاعات في ليبيا وسوريا ومرتفعات قره باغ وأوكرانيا. وبالتالي، يعد إنشاء وحدة لإنتاج الطائرات المسيرة في المغرب خطوة هامة لتعزيز قدراته الدفاعية واستقلاليته في هذا المجال.
وأضافت الصحيفة أن تأسيس شركة “أطلس ديفينس” يمكن أن يجعل المغرب لاعبًا رئيسيًا في إنتاج الطائرات المسيرة في إفريقيا والشرق الأوسط، مما يعزز شراكته الدفاعية مع تركيا ويضعه في موقع استراتيجي لتصدير هذه التقنيات.
ويأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية أوسع لتحديث وتطوير القدرات العسكرية المغربية، كما يتضح من حصوله مؤخرا على طائرات مسيرة متطورة من طراز “أكينجي”. وتم تصميم طائرة “أكينجي” لتنفيذ مهام المراقبة والاستطلاع باستخدام أنظمة طيران تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويمكنها حمل حمولات كبيرة وتنفيذ ضربات دقيقة. كما يسمح لها رادار “AESA” بتتبع أهداف متعددة في وقت واحد، مما يعزز التفوق الجوي للقوات المسلحة الملكية المغربية.
وبفضل قدرتها على التحليق لمدة 24 ساعة ومدى عمل يصل إلى 6000 كيلومتر، تلبي طائرة “أكينجي” احتياجات المغرب الاستراتيجية في مراقبة وحماية أراضيه.
وخلصت “لوموند” إلى أنه في حال تحقق مشروع إنتاج الطائرات المسيرة التركية في المغرب، فإنه سيشكل تحولا كبيرا في صناعة الدفاع المغربية وموقعها الجيواستراتيجي في المنطقة. كما تعزز هذه الخطوة التعاون العسكري بين الرباط وأنقرة، وتدفع المغرب إلى الريادة كقوة تكنولوجية في هذا المجال على مستوى إفريقيا، مما يفتح آفاقًا جديدة له في صناعة الطائرات المسيرة والتقنيات العسكرية المتقدمة.