24 ساعة- وكالات
وسط ظروف قاسية وفي قلب مخيم طولوم شرق تشاد، يعاني اللاجئون السودانيون أوضاعا مأساوية بعد فرارهم من دوامة الحرب الدائرة في بلادهم منذ عامين.
ويفترش عشرات الآلاف الأرض تحت خيام بسيطة نصبتها منظمة “أطباء بلا حدود”، في مشهد يلخص حجم الألم الإنساني الناجم عن صراع لا يزال ينهش السودان.
وعلى مقربة من الحدود مع السودان، وفي بيئة قاحلة شبه صحراوية قرب منطقة إيريبا، تكتظ الملاجئ المؤقتة المصنوعة من الصفيح والأقمشة البيضاء بعائلات لاجئة تبحث عن الأمان والغذاء.
ويقدر عدد القاطنين في هذا المخيم ما بين 25 و30 ألف شخص، يعيشون وسط ظروف معيشية خانقة مع استمرار تدفق الفارين من العنف في وطنهم.
ارتفاع حالات سوء التغذية وسط نقص فادح في الغذاء
يشهد مخيم طولوم في شرق تشاد ارتفاعا مقلقا في حالات سوء التغذية، خصوصا بين الأطفال، ومع استمرار تدفق اللاجئين السودانيين الفارين من النزاع المسلح، تزداد الضغوط على المراكز الصحية التي أصبحت غير قادرة على تلبية جميع الحالات.
ويلاحظ أن ما يقرب من نصف الاستشارات الطبية التي تجرى أسبوعيا تتعلق بأعراض مرتبطة بسوء التغذية، مما يعكس حجم الأزمة الصحية المتفاقمة داخل المخيم.
ويتم تحويل الحالات الأشد خطورة إلى مستشفى إيريبا القريب، في وقت باتت فيه المؤسسات الصحية عاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة، مع توقعات بمزيد من التدهور مع دخول موسم الحر الشديد.
تشاد تكافح بمفردها أمام تدفق اللاجئين السودانيين
تأتي هذه الأزمة في ظل استمرار الحرب في السودان، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
وقد أسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، وفق تقديرات الأمم المتحدة، التي وصفتها بأنها “إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية” في العالم.
وفي ظل تدفق اللاجئين، تجد تشاد، وهي من أفقر دول العالم، صعوبة بالغة في تقديم الدعم بمفردها لأكثر من 770 ألف لاجئ سوداني فروا إلى أراضيها، بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومن المتوقع أن يرتفع عدد اللاجئين إلى أكثر من 970 ألفًا بنهاية العام الجاري، حسب الحكومة التشادية.
ورغم الحاجة الملحة للدعم، لم تتلق المفوضية سوى 14% من إجمالي التمويل المطلوب، والبالغ 409.1 ملايين دولار لمساعدة اللاجئين في تشاد لعام 2024.
ويؤكد دجيمباي كام ندوه، حاكم مقاطعة وادي فيرا حيث يقع المخيم، أن “الشعب التشادي مضياف بطبعه، ويستقبل إخوانه السودانيين في أوقات الشدة”، لكنه شدد على أن تضاعف عدد سكان المقاطعة يستدعي تقديم دعم كبير وعاجل.
تحذيرات من موجة هجرة خطيرة عبر ليبيا
وتزداد المخاوف مع استمرار تجميد المساعدات الأميركية منذ عهد إدارة ترامب، إضافة إلى تراجع تمويل المانحين الأوروبيين.
وفي هذا الصدد، صرح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، خلال زيارة حديثة إلى الحدود السودانية، قائلا: “مع تقليص المساعدات المالية، لم تعد لدينا الوسائل الكافية لمساعدة اللاجئين السودانيين كما في السابق”، محذرا من أن غياب الدعم سيدفع اللاجئين إلى البحث عن طرق بديلة للهجرة، عبر ليبيا، حيث يتعرضون لاستغلال عصابات التهريب.
من جهته، حذر ألكسندر لو كوزيا، نائب مدير برنامج الأغذية العالمي في تشاد، من أن نقص التمويل الحالي “يهدد مئات الآلاف من الأرواح”.
وبدوره، حذر صموئيل سيليش، منسق الطوارئ لدى منظمة “أطباء بلا حدود” في وسط دارفور، من الاستعداد لموجة جديدة من حالات سوء التغذية والملاريا، لافتا إلى أن تفشي الحصبة هذا العام قد يؤدي إلى عواقب كارثية خاصة على الأطفال.
وفي الداخل السوداني، يواجه نحو 25 مليون شخص انعداما حادا في الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي، مع توقعات بتدهور الوضع مع حلول موسم الأمطار خلال أقل من شهرين.