24 ساعة – متابعة
تعلن الحكومة الفرنسية عن إطلاق حملة تستهدف توزيع “كتيب النجاة” على جميع العائلات الفرنسية، وهو دليل عملي يتناول طرق التعامل مع الأزمات المحتملة، سواء كانت حروبا أو كوارث طبيعية أو أوبئة، وذلك في خطوة تعكس تنامي الاهتمام بالجاهزية الوطنية للفرنسيين.
ويتكون الكتيب من 20 صفحة مقسمة إلى ثلاثة محاور رئيسية، حيث يتناول المحور الأول المعنون بـ”إجراءات الحماية” ضرورة تعزيز الوعي المجتمعي والاستعداد الفردي، عبر تقديم قائمة بالأدوات والمستلزمات الأساسية التي يجب تخزينها في المنزل تحسبا لأي طارئ.
كما يقدم هذا المحور إرشادات حول كيفية الحفاظ على الأمن الشخصي والعائلي في أوقات الأزمات، أما المحور الثاني، المعنون بـ”الإجراءات الواجب اتباعها في حالات الطوارئ”، فيركز على الخطوات الأساسية التي يجب اتخاذها عند وقوع خطر وشيك، متضمنا توصيات هامة حول كيفية التصرف في سيناريوهات مختلفة، بالإضافة إلى أرقام الطوارئ وترددات الراديو الضرورية للبقاء على اطلاع في مثل هذه الحالات.
بينما يعالج المحور الثالث، الذي يحمل عنوان “شارك”، طرق الالتحاق بقوات الاحتياط سواء في المجال العسكري أو المدني، من أجل تعزيز التضامن الوطني والتعاون بين المواطنين في فترات الأزمات.
وتقول الحكومة الفرنسية إن الهدف الأساسي من توزيع هذا الكتيب هو تعزيز الوعي الوطني والاستعداد لمواجهة أي طارئ محتمل، غير أن توقيت الإعلان عن هذه الخطوة أثار العديد من التكهنات، خاصة في ظل التصريحات الأخيرة للرئيس إيمانويل ماكرون التي أشار فيها إلى أن خطر النزاع المسلح مع روسيا يشمل جميع الدول الأوروبية، مما زاد من المخاوف بشأن احتمالية تصعيد التوترات الدولية إلى مستوى يتطلب استعدادا فعليا للمواطنين.
ورغم أن فرنسا ليست الدولة الأوروبية الأولى التي تتبنى مثل هذه المبادرات، حيث سبق للنرويج والسويد أن وزعتا كتيبات مماثلة لمساعدة المواطنين على التأهب لأي طارئ، إلا أن السياق السياسي والعسكري الحالي في أوروبا يجعل هذه الخطوة الفرنسية ذات دلالات أوسع.
وجاءت هذه المبادرة ضمن استراتيجية الصمود الوطني التي تبنتها فرنسا بعد جائحة كورونا لتعزيز قدرة المواطنين على التعامل مع الأزمات المختلفة، لكنها تزامنت مع سياق دولي متوتر، ما أثار العديد من التساؤلات حول دلالاتها الحقيقية.
ويرى البعض أن “كتيب النجاة” ليس مجرد وثيقة إرشادية، بل قد يكون مؤشرا على استشعار السلطات لاحتمالية تفاقم الأوضاع الأمنية، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية المتصاعدة.
وبينما تصر الحكومة على أن هذه الخطوة لا تعدو أن تكون إجراء احترازيا لتعزيز ثقافة التأهب لدى المواطنين، فإن توقيتها يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت فرنسا تستعد بالفعل لمواجهة سيناريوهات أكثر اضطرابا في المستقبل القريب، أو أن الأمر لا يتجاوز كونه مجرد خطوة ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز الصمود الوطني.