الرباط- عماد المجدوبي
طرحت حكومة الجزر اقتراحاً بإعادة هؤلاء القاصرين إلى بلدهم الأصلي المغرب. هذا الاقتراح أثار جدلاً واسعاً، وأثار تساؤلات حول مدى مطابقته للقانون الدولي وحقوق الطفل.
من جهة، تتذرع حكومة جزر الكناري بضغط أعداد القاصرين على الموارد المحلية، وبضرورة إيجاد حلول سريعة لهذه الأزمة. كما تشير إلى التعاون القائم بين المغرب وإسبانيا في مجال الهجرة، وتؤكد على ضرورة تحمل كل دولة لمسؤولياتها.
من جهة أخرى، يثير هذا الاقتراح مخاوف بشأن حقوق هؤلاء القاصرين، الباحثين عن حياة يتصورونها الأفضل. فقبل اتخاذ أي قرار بشأن الإعادة إلى الوطن، يجب على الدولة المستقبلة التأكد من أن مصلحة الطفل هي المصلحة العليا، وأن عودته إلى بلده لن تعرضه لأي خطر أو مضايقة.
يشدد القانون الدولي، ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل، على ضرورة الاستماع إلى رأي الطفل في جميع المسائل التي تهمّه، بما في ذلك قرار الإعادة إلى الوطن. كما ينص على ضرورة توفر ظروف مناسبة لإعادة دمج الطفل في مجتمعه الأصلي.
في هذا السياق، يجب على السلطات الإسبانية أن تضمن أن كل قاصر مغربي لديه ملف فردي، وأن يتم تقييم وضعه بدقة قبل اتخاذ أي قرار. كما يجب عليها أن تتأكد من أن عودة هؤلاء القاصرين إلى المغرب ستكون طوعية، وأنهم سيتمتعون بالحماية اللازمة.
وكانت المحكمة الدستورية الإسبانية، وفق ذكر تقارير إعلامية محلية، قد قررت تعليق عدة فقرات من بروتوكول استقبال القاصرين الذي أقرته حكومة جزر الكناري، وذلك بناءً على طعن قدمته الحكومة المركزية. ترى الحكومة المركزية أن هذا البروتوكول يتجاوز صلاحيات الحكومة الإقليمية ويحد من صلاحيات الدولة في التعامل مع هذه القضية.
في المقابل، تؤكد حكومة جزر الكناري أن البروتوكول يهدف إلى تنظيم استقبال القاصرين وضمان حقوقهم، وأنها تواجه صعوبات كبيرة في استيعاب هذا العدد الكبير من القاصرين. كما تشدد على ضرورة التعاون بين الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية لحل هذه الأزمة.
هذا الصراع بين الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية حول كيفية التعامل مع أزمة القاصرين المهاجرين يعكس التحديات التي تواجهها أوروبا بشكل عام في التعامل مع ملف الهجرة غير النظامية. فمن جهة، هناك ضرورة لحماية حقوق هؤلاء القاصرين وتوفير الرعاية اللازمة لهم، ومن جهة أخرى، هناك ضغوط على الدول المستقبلة لتوفير الموارد اللازمة لاستيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين.
تثير قضية القاصرين المغاربة في جزر الكناري تساؤلات معقدة حول التوازن بين المسؤولية الدولية وحقوق الطفل. وعلى السلطات الإسبانية والمغربية العمل معاً لإيجاد حلول مستدامة لهذه القضية، تأخذ في الاعتبار مصلحة الطفل الفضلى، وتحترم التزاماتها الدولية.