الرباط-عماد مجدوبي
ربما على من يتحكمون في مفاتيح الإليزيه أن يعيدوا رئيسه إيمانويل ماكرون إلى قاعة الكرس لتعلم مبادئ الدبلوماسية والعلاقات مع الدول، بدل أن يستمر في ارتكاب مثل هذه الحماقات مع المغرب..تارة بدفع إعلامه إلى مهاجمة المملكة..وتارة بخرجات فيديو بهلاونية..وتارة بدفع خارجيته إلى الحديث عن زيارات وهمية إلى المغرب.
لقد تفاجأ الجميع بتصريحات كاثرين كولونا، وزيرة خارجية فرنسا، التي أعلنت من خلالها عن زيارة مرتقبة لرئيسها ماكرون إلى المغرب، في وقت لم يتم التشاور مع الرباط حول هذه الزيارة ولا تمت برمجتها ضمن الأجندة الرسمية للبلاد..اللهم إذا كان الرجل يرغب في القيام بجولة سياحية بالجينز ويعود من حيث أتى.
وعوّدنا ماكرون بهذه الخرجات..بل إنه صرح بنفسه، قبل شهور، بأن هناك زيارة مرتقبة إلى الرباط رغم علمه علم اليقين بأن هذه الزيارة لن تتم ما لم تكف فرنسا عن هذه الممارسات البئيسة في العلاقات مع دولة ذات سيادة، تتخذ قراراها بناء على رؤيتها وأجندتها المستقلة، وليس بناء على ما تمليه أجندة المستعمر السابق.
لقد عشنا منذ الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق البلاد مشهدا غير مسبوق في تعاطي الإعلام مع الأزمات الإنسانية، حيث تحول الإعلام الفرنسي إلى أداة في يد خارجية البلاد من أجل نفث سمومه والضرب في المجهود التي تبذله المملكة في سياق استثنائي، حتى إن عامة المغاربة باتوا ينتفضون بقوة عندما يرون وسائل الإعلام الباريسية تحاول أن تأخذ تصريحات من هنا أو هناك، مادام أن مهمتها هي الإساءة لبلدنا استطاع أن يواجه وضعا استثنائيا وباقتدار ودون أن يفتح الباب أمام “الصدقات المسمومة”.
نعم إنها صدقات مسمومة أرادت أن تقول للعالم بأن هذا البلد الإفريقي العربي لا يمكنه أن يتحرك إلا بمساعدة المستعمر السابق..لكن الذي اكتشفه العالم، وهذا ليس بجديد، هو أن هذا البلد تطور أكثر من تطور الفكر المتحجر لمن يدورون في فلك الإليزيه..
لقد أقامت فرنسا الدنيا ولم تقعدها لأن المغرب لم يمنحها الضوء الأخضر لمده بالمساعدات..وتحولت مختلف وسائل إعلامها إلى منصات لمهاجمة المغرب وطرح أسئلة عجيبة من قبيل “كيف لا يقبل المغاربة مساعدتنا”، وكأن الأمر يتعلق بواجب وليس بمساعدة يفترض أن يتم تدبيرها عبر القنوات الدبلوماسية ووفق الحاجيات التي تعبر عنها السلطات العمومية..لكننا والحمد لله لم نكن في حاجة إلى شيء.
نعم لم نكن في حاجة إلى شيء، مادام أننا لدينا ملك يرفع رأس المغاربة عاليا بمتابعته الدقيقة ونزوله شخصيا لزيارة المصابين، وإعطائه تعليمات صارمة من أجل إعمار المناطق وتعويض المتضررين والتكفل بالأيتام..هذا هو المغرب الذي تخشاه فرنسا..هذا المغرب القوي بملكه وشعب ومؤسساته، في صورة كرست معالم أمة وحضارة ضاربة في التاريخ..يا ماكرون.