نورالدين الدغير
لايزال الجدل متواصلا يرافقه استياء بشأن قرار السفر إلى المغرب الذي أعلنته السلطات المعنية وجاء عبر بيان لوزارة الخارجية، ولم يشمل هذا الجدل والاستياء المغاربة المقيمين في الدول المصنفة “ب” بل طال حتى اولئك المقيمين في دول اللائحة “أ”، وتختلف بالتأكيد الأسباب بين الجانبين، قد يكون الجانب المادي وتكلفة السفر من الدول الاوربية إلى المغرب هي مدعاة انزعاج المهاجرين بعد ان استثنى المغرب الموانئ الإسبانية من عملية السفر، هذا الأمر قد يهون أمام الصدمة التي تلقاها المقيمون في الدول “ب”ولايمكن الحديث إلا عن مواطنة سلبت بوعي أو عن غير وعي ممن أقر قرار، تحت شرط للعودة يحمل إسم” التصريح الاستثنائي”. ومن دون أن يكون هناك جلد غير مبرر أو غير منطقي لقرار السلطات بشأن السفر إلى المغرب، يجب أن نتحلى بقليل من الإنصاف في القراءة والتقييم خاصة في ظل الأجواء الاستثنائية التي يمر بها المغرب والعالم تحت ضغط جائحة كورونا، و بالوقوف عند القرار المغربي لابد من النظر فيما يحق للسلطات القيام به كاجراء وقائي، وما لايحق لها إذا ما تعارض مع المقومات الدستورية والقانونية للبلاد،
وفي البداية نقف عند ما يحق للسلطات القيام به
1-من حق السلطات المغربية ألا تقبل بجوازات تلقيح الدول الأخرى ، لأن الأمر يحتاج الى اتفاق ثنائي للاعتراف المشترك ، أو قرار مؤطر من منظمة الصحة الدولية وهو ما لم يحدث لحد الساعة،مع الأخذ بعين الاعتبار أن قرار اعتماد جوازات تلقيح الدول الأخرى هو قرار سيادي يرجع فقط الحق للسلطات المغربية البث فيه، ولايجب ألا ننسى بأن أغلب الدول لاتتعامل بمبدأ التلقيح بقدر ما ترجح الإدلاء باختبارات PCR، وهذا الأمر قد يرجع بالضرورة إلى أن العديد من الدول لاتزال تواجه مشاكل في تأمين التلقيح لبلادها، أو أن العملية تتم ببطء
2-من حق السلطات أن تفرض حجرا على القادمين من الدول التي تصنفها ضمن دائرة الدول الخطيرة لضمان سلامة المجتمع ومنع تفشي فيروس كورونا ومتحوراته، وسواء نظرنا للقرار على أنه قرار خاطئ أم لا، فهو في الأول والأخير قرار سلطات وهي من تتحمل تبعات الحالة الوبائية في البلاد
3-من حق السلطات ان تفرض اختبارات pcr سواء قبل ركوب الطائرة أو بعد الوصول ومن حقها أن تأخذ عنه مبالغ مالية وكذلك عن فترة الحجر فالأمر يرتبط بسياسة البلد المالية وقدرتها على تحمل تلك النفقات، وترمي بالكرة في ملعب القادم للمغرب وله الحق باتخاذ القرار الذي يناسبه.
*ما لايحق للسلطات في بيانها
ما بين هذه الإجراءات التي يحق للسلطات المغربية القيام، يظهر أن مدون القرار تجاوز عددا من القيم والقوانين التي تحكم مبدأ المواطنة في المغرب و المنظمة للحقوق والحريات، وهنا نتحدث عن ما لايحق للسلطات المغربية باتجاه مواطنيها، ففرضها لما يسمى بالتصريح الاسثتنائي على المواطن المغربي يشكل خرقا صريحا للدستور الذي يتحدث في الديباجة عن منظومة حقوق الانسان والقانون الدولي والانساني والنهوض بهما، وأكثر من هذا يتعارض القرار مع الفصلين 16 و17 الخاص بالجالية المغربية بالخارج،والأساس في خرق قانون السفر الجديد هو مخالفته للفصل 24 من الدستور والذي ينص على حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه والخروج منه والعودة إليه.ما بدا ظاهرا أن الجهة التي أصدرت القرار لم تفرق بين مفهوم المواطن والسائح جعلتهما في سلة قانونية واحدة، وإذا كان القرار الفرنسي بشأن تنظيم السفر إلى فرنسا طرح شرطا للسفر تحت عنوان motif impérieux فان هذا الأمر لايشمل المواطنين الفرنسيين وإنما الأجانب القادمين من المناطق البرتقالية والحمراء بحسب التصنيف الفرنسي ويرغبون بالسفر إليها، لذا وبناء على هذا الخرق الدستوري الواضح الأهم هو تراجع السلطات عنه، خاصة أنها اتخذت إجراءات طبية صارمة باتجاه دول المجموعة “ب” من ضرورة التوفر على اختبار PCR قبل السفر وعند الوصول فضلا عن حجر صحي لمدة 10 أيام في فنادق تحددها السلطات، واختبار PCRبعد الحجر، كل هذه الإجراءات كفيلة بمنع تفشي انتشار الفيروس. وضمن هذا الجدل الذي نتمنى ان تنهيه الجهات المعنية، يبقى لكل مواطن مغربي متضرر من القرار الاحتفاظ بحقه في مقاضاة الجهة المعنية على قرارها هذا كونه يتعارض مع دستور البلاد وقوانيه.
صحفي مغربي بالمهجر