نشر بشراكة مع DW العربية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يدع يوما يمر بدون أن يحرض عبر موقعه في تويتر ضد خصومه. ومؤخرا جاء رد فعل مواقع التواصر الكبرى في الانترنيت التي تمكن الرئيس من التعبير عبرها بدون عائق ولا حسيب.
تويتر مثلا أضاف لتغريدة الرئيس إشارة تحذيرية. وفي التغريدة كتب ترامب عقب أعمال الشغب الأولى بعد وفاة الأمريكي من أصل افريقي جورج فلويد بسبب عنف الشرطة:” إذا بدأت أعمال النهب يتم إطلاق النار”. وصرخة دوَت عبر أمريكا الليبرالية، لأنه بهذه الجملة أعلن في 1967 رئيس الشرطة السابق لميامي عن تحرك عنيف ضد السكان السود.
وحتى فيسبوك تحركت أخيرا بعدما رفضت لوقت طويل التحرك ضد إهانات ترامب. وبهذا ألغت فيسبوك إعلانا للفريق الانتخابي للرئيس موجه على ما يبدو ضد مجموعات يسارية.
الإبلاغ عن مضامين جنائية وليس فقط محوها
في المانيا تبقى الحكومة إحدى ضحايا تعليقات الكراهية في الشبكة. والمستشارة الألمانية مثلا ليس لها، بخلاف الرئيس الأمريكي، حساب على تويتر لكن يوجد على غرار غالبية البلدان الأخرى جدل هنا حول ما يحق قوله أم لا في مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا الأسبوع تبنى البرلمان الألماني (بوندستاغ) قانونا ينص على أن تبلغ مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو تويتر عن مضامين جنائية للشرطة الجنائية الألمانية. وإذا لم تفعل ذلك، فقد تهددها غرامات مالية بملايين اليورو.
وبالنسبة إلى سلسلة من الجرائم تم الرفع من مستوى العقوبة. ويمكن فرض عقوبة السجن إلى ثلاث سنوات على من يحث في الملأ على القتل.
كما توجد الآن عقوبات قاسية لأولائك الذين يدعون إلى التسبب في الضرب والجرح. كما يجب على مواقع التواصل الاجتماعي الآن الإبلاغ عن حالات التحريض أو استعراض العنف إضافة إلى نشر الصور الإباحية للأطفال.
يوميا تهديدات: الحياة اليومية للسياسيين
وعلى الرغم من ذلك يبقى الكثير ممكنا في مواقع التواصل الاجتماعي. الإهانات والتشهير والتضليل ستظل قائمة، لأنه يبقى من اختصاص المعنيين هل يرغبون في رفع شكايات جنائية أم لا. وبالنسبة إلى السياسيين الذين يواجهون مثلا الكراهية يوميا في الشبكة قلما يكون ذلك ممكنا. ومثلا قدمته هذه الأيام وزيرة العدل، كريستينه لامبريشت التي ترددت في تشديد العقوبات المتعلقة بالاستغلال الجنسي للأطفال، وهو موقف تراجعت عنه بعد سيل من الانتقادات.
وعبر القناة الثانية للتلفزيون الألماني ذكرت لامبريشت أنها تتعرض شخصيا للتهديد:” أتلقى تهديدات بالقتل. وأتلقى تهديدات بالعنف ليس فقط تجاهي، بل أيضا تجاه طفلي حتى أغير رأيي”.
وفي الغالب ما تأتي تعليقات الكراهية من الوسط اليميني المتطرف، كما لاحظت الشرطة الجنائية في 2017: ففي تلك السنة تم تسجيل 2270 شكوى ضد تعليقات كراهية صدرت 74 في المائة منها من أوساط اليمين المتطرف.
فرنسا: المجلس الدستوري يوقف قانونا ضد الكراهية في الشبكة
والكثير من الحكومات تتحرك حاليا بحزم ضد موجة الكراهية في الانترنيت، لكنها مبادرات لا يحالفها النجاح دائما: ففي فرنسا ألغى المجلس الدستوري، أعلى هيئة دستورية في البلاد قانونا ضد تعليقات الكراهية في المواقع الاجتماعية. وصدر القانون في ماي، وكان من شأنه إلزام مواقع الانترنيت الكبرى بشطب تعليقات الكراهية في غضون 24 ساعة. وإلا فهناك تهديد بفرض غرامة مالية تصل إلى 1.25 مليون يورو. وعلل المجلس الدستوري بأن القانون يمكن أن يشجع المواقع على شطب المضامين كيفما كان نوعها مسموح أم غير مسموح بها. وهذا سيخرق حق حرية التعبير.
تعبير حر عن الرأي أم جناية؟
وهذا هو الموضوع القائم في الدول الديمقراطية: ما هو المسموح به ومتى يتم التضييق بقوة على حرية التعبير في منصات المواقع الاجتماعية الكبيرة مثل فيسبوك أو تويتر . والسياسيون لا يريدون مواجهة الاتهام بأنهم يخنقون حرية التعبير.
ووزيرة العدل الألمانية لامبريشت قالت أيضا بأن الحكومة ترغب في حوار في مواقع الانترنت الاجتماعية:” نريد حرية التعبير، ولذلك لا يحق لجم أولائك الذين يعملون من أجل مجتمع متنوع”.
وما يمكن أن تتسبب فيه التهديدات في الشبكة، كشف عنه قتل رئيس الحكومة المحلية في مدينة كاسيل، فالتر لوبكه قبل عام. فهذا السياسي من الحزب المسيحي الديمقراطي دافع طويلا من أجل مصالح اللاجئين وتم قتله بالرصاص من قبل يميني متطرف مفترض يمثل حاليا أمام المحكمة.
لكن بسنوات طويلة قبلها كان لوبكه هدفا لكراهية الوسط اليميني المتطرف. وبموازاة المحاكمة بسبب القتل يمثل رجل متقاعد في ولاية هسن أمام المحكمة كتب في الانترنيت بأن لوبكه “وجب تصفيته فورا”. فما يبدأ بكلمات في الشبكة قد يتحول أحيانا إلى واقع مروع.