إعداد-زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة التاسعة عشرة
يعد مبارك بوصوفة واحدا من أبرز اللاعبين المغاربة في العقدين الأخيرين، حيث تميز بأسلوب لعبه الذكي، رؤيته الواسعة للملعب، وقدرته على التحكم في نسق المباريات، لكن رغم تألقه اللافت، لم يحالفه الحظ في تحقيق ألقاب كبرى مع المنتخب الوطني المغربي.
وُلد مبارك بوصوفة في 15 غشت 1984 بالعاصمة الهولندية أمستردام، حيث نشأ وتلقى تكوينه الكروي في أياكس أمستردام، ثم انتقل إلى أكاديمية تشيلسي الإنجليزي، لكنه لم يحصل على فرصة حقيقية هناك، ليقرر بدء مسيرته الاحترافية في بلجيكا، البلد الذي أصبح بمثابة بوابته إلى كرة القدم الأوروبية.
كانت المحطة الأولى لبوصوفة في الاحتراف مع نادي غينت البلجيكي عام 2004، حيث لعب لمدة موسمين وسجل 14 هدفا في 63 مباراة، قبل أن يخطف أنظار نادي أندرلخت، الذي انتدبه عام 2006، في أندرلخت، أصبح أحد أبرز نجوم الدوري البلجيكي، حيث خاض 223 مباراة وسجل 61 هدفا، وحصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري البلجيكي ثلاث مرات (2006، 2009، 2010)، ليخلد اسمه كأحد أفضل اللاعبين الذين مروا على البطولة البلجيكية.
في عام 2011، شد بوصوفة الرحال إلى روسيا، حيث وقع مع نادي أنجي مخاشكالا، وخاض معه 98 مباراة سجل خلالها 15 هدفا، لكن بعد تغيير سياسة النادي وبيع نجومه، انتقل في 2013 إلى لوكوموتيف موسكو، حيث لعب 48 مباراة وسجل 6 أهداف، قبل أن يعود إلى غينت على سبيل الإعارة عام 2016.
بعد تجربته الأوروبية، قرر بوصوفة خوض تحد جديد في الخليج العربي، حيث انضم إلى الجزيرة الإماراتي في 2016، وتألق معه على مدار موسمين، مسجلا 12 هدفًا في 84 مباراة، وساهم في تتويج الفريق بلقب الدوري الإماراتي، في 2019 انتقل إلى الشباب السعودي، لكنه لم يستمر طويلًا، لينهي مسيرته الاحترافية بعد فترة قصيرة هناك.
اختار بوصوفة تمثيل المنتخب المغربي على حساب نظيره الهولندي، رغم محاولات الاتحاد الهولندي لاستقطابه، وبدأ مسيرته الدولية مع أسود الأطلس عام 2006، لكن القدر لم يكن رحيمًا به، حيث صادف فترة من التراجع في أداء المنتخب المغربي، وظل يحاول قيادة الفريق إلى المجد، لكنه لم يُتوَّج بأي لقب قاري.
كانت كأس أمم إفريقيا 2017 نقطة مضيئة في مسيرته الدولية، حيث قاد المغرب إلى ربع النهائي، وشهدت تلك البطولة لقطة مؤثرة عندما انفجر بوصوفة بالبكاء بعد تأهل المنتخب من دور المجموعات، كما لعب دورًا محوريًا في تأهل المغرب إلى كأس العالم 2018 بعد غياب دام 20 سنة، وقدم مستويات رائعة رغم الإقصاء من دور المجموعات.
أجل بوصوفة اعتزاله الدولي إلى ما بعد كأس أمم إفريقيا 2019، حيث كان قائدًا للمنتخب وأفضل لاعب في صفوفه، لكنه أنهى مسيرته مع نكسة الإقصاء المفاجئ أمام بنين، ليودع الكرة الدولية دون أن يحقق اللقب الذي كان يستحقه.
رغم عدم تتويجه بالألقاب الدولية، سيظل مبارك بوصوفة رمزا من رموز الكرة المغربية، وواحدًا من أكثر اللاعبين إخلاصًا لقميص المنتخب الوطني.