ملف قضائي مثير، ذلك الذي عاشته محاكم مختلف الدرجات بمراكش قبل أن يصل إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، حيث أيد منتصف الأسبوع الماضي، قرار محمكة الاستئناف القاضي ببراءة طبيب بمراكش، من تهمة النصب والتسبب في عجز جنسي لمريض سبق وأن خضع لعملية جراحية على مستوى القلب من طرف الطبيب المذكور بإحدى المصحات الطبية الخاصة بمراكش.
وحسب مصادر موثوقة فقد أكد المريض المشتكي أنه تعرض لعملية نصب من قبل الطبيب السالف ذكره، إثر خضوعه لعملية جراحية على مستوى القلب، أوهمه من خلالها الطبيب أنه ثبت نابضا اصطناعيا (ستانت) بأحد شرايين القلب، قبل أن يكتشف أن قلبه لا يحمل أي نابض اصطناعي.وبحسب تصريحات المشتكي للضابطة القضائية، فإنه بالإضافة إلى عملية النصب التي تعرض لها، وأدائه فاتورة تكاليف العملية الجراحية والعلاج، والبالغة قيمتها أزيد من 75 ألف درها، فإن العملية المذكورة، تسببت له في عجز جنسي.
وإلى ذلك، ومن خلال محاضر الاستماع للطبيب، نفى الأخير أمام النيابة العامة ادعاءات المشتكي، مؤكدا أن التقرير الطبي الصادر عنه بعد العملية، لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى النابض الاصطناعي، وأنه أكد أن العملية الجراحية التي أجراها للمريض، كانت تكتسي طابع الاستعجال، بالنظر إلى الاختناق الذي أصاب أحد أوردة القلب، بعد تكلس كمية من الدماء داخله، قبل أن تتم إزالتها، مما جعل الوريد يقوم بوظيفته بشكل طبيعي دونما حاجة إلى نابض اصطناعي، يقول الطبيب.
وإلى ذلك، فإن المشتكي ادعى، من خلال شكايته ومن خلال محاضر الاستماع، أن فاتورة العملية الجراحية والعلاجات والأدوية المستعملة طيلة الفترة التي قضاها داخل المصحة (أربعة أيام) بلغت قيمتهما ما مجموعه أزيد من 75 ألف درهم، وأن الفاتورة تشير بالحرف إلى أثمان جميع هذه العمليات، بما فيها ثمن النابض الاصطناعي المحدد في ذات الفاتورة في 42 ألف درهم. علما أن الفاتورة تشير إلى أن إدارة المصحة خصمت 8000 درهما من المبلغ الإجمالي الوارد في الفاتورة.
من جهته نفى الطبيب ادعاءات المشتكي، مؤكدا أن الفاتورة التي تشير إلى النابض الاصطناعي مجرد خطأ غير مقصود وقعت فيه مستخدمة بإدارة المصحة، وأنه لا يتحمل مسؤولية هذا الخطأ، لكونه طبيبا لا دخل له في عمل إدارة المؤسسة على المستوى المالي، وأنه يتحمل مسؤولية تقريره الطبي، الذي لا يتحدث إطلاقا عن أي نابض اصطناعي.
وأضاف الطبيب في تصريحاته، أنه بالرغم من ذلك، فإن المريض لم يؤد للمصحة سوى فاتورة بلغت قيمتها 57 ألف درهم، وليس 75 ألف درهم كما ادعى المشتكي، وأن إدارة المصحة توصلت بالمبلغ المذكورة بواسطة شيك باسم أحد أصدقاء المريض، لازالت إدارة المصحة تتوفر على نسخة منه.
وفي الوقت الذي اتهم فيه المشتكي الطبيب بالتسبب له في عجز جنسي، نفى الطبيب أن يكون للعملية أية علاقة بالعجز الجنسي، ذلك أن العملية الجراحية التي خضع لها المريض، تم خلالها استعمال تقنية حديثة، إذ تم إدخال قضيب دقيق من أعلى فخذ إحدى الرجلين، وتحديدا في المنطقة الفاصلة بين الفخذ والبطن، إلى أن بلغ القضيب القلب، وتم إدخاله في الوريد الذي يعاني من انحصار، وتم شفط الدماء المتكلسة داخله، حيث عاد الوريد إلى سابق عهده يعمله بشكل طبيعي.
وتسائل الطبيب كيف يمكن لمثل هذه العملية أن تؤثر في القدرات الجنسية للمريض؟، مضيفا أن استعادة القلب لعافيته بعد العملية الجراحية التي يمكن أن يخضع لها أي مريض، من المفروض أن يساعد ذلك في تقوية قدرات القلب، وبالتالي القدرات الجنسية وليس العكس.وإلى ذلك، فقد برأت المحكمة ابتدائيا واستئنافيا الطبيب من جميع المتهم المنسوبة إليه، قبل أن يزكي المجلس الأعلى للسلطة القضائية قرار محكمة الاستئناف، منتصف الأسبوع الماضي.