وجه المجلس الأعلى للحسابات مذكرة استعجالية لكل من وزارة العدل والحريات ووزارة الاقتصاد والمالية، ينتقد فيها طريقة تحصيل الغرامات والإدانات النقدية والصوائر والمصاريف القضائية، استنادا إلى مقتضيات المادة 1 من القانون رقم 99.62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
وكشف المجلس أن إعداد هذه المذكرة تم بناء على نتائج المهمة التي قام بها المجلس سنة 2017، لتتبع تنفيذ التوصيات الواردة في التقرير، الذي أنجزه سنة 2013 حول هذا الموضوع.
وأشار المجلس، في مذكرته، إلى أنه لاحظ تطوراً في تحصيل هذه الغرامات خلال الفترة ما بين 2013 و2017، لكنها بقيت في مستوى لم يتجاوز النصف، وهو ما يضيع على الدولة نسبة مهمة من الديون غير المستخلصة.
وتفيد المعطيات التي كشفها مجلس إدريس جطو بأن مبالغ التحملات ارتفعت من 450 مليون درهم في 2013 إلى 601 مليون درهم سنة 2017؛ لكن المبالغ المحصلة لم تتجاوز السنة الماضية 290 مليون درهم.
وأرجع قضاة المجلس القسط المهم من الغرامات والإدانات النقدية التي لا يتم تحصيلها إما إلى غموض الإطار القانوني والمحاسباتي المنظم لعملية التحصيل، أو غياب التنسيق بين وزارتي العدل والاقتصاد والمالية.
وتوضح المذكرة أن المشرع أسند مهمة التحصيل في آن واحد إلى مأموري كتابات الضبط بالمحاكم ومحاسبي الخزينة العامة للمملكة، طبقاً لمقتضيات المادتين 131 و138 من مدونة تحصيل الديون العمومية.
وأشار المجلس الأعلى للحسابات إلى أن القوانين لم تحدد مسؤوليات كل جانب، وهو ما انعكس سلباً على فعالية التحصيل باعتبارها مسؤولية مشتركة بين الوزارتين؛ كما أن آلية التنسيق الموقع بينهما سنة 2010 لم يتم تفعيلها رغم مرور سنوات.
وذهبت المذكرة إلى أن الازدواجية في تدبير تحصيل هذه المداخيل بين المحاسبين التابعين لوزارة المالية ومأموري كتابات الضبط بالمحاكم “تشجع على الاتكالية وعدم اتخاذ المبادرات، وتجعل من الصعب تحديد المسؤوليات في ما يخص القيام بالإجراءات اللازمة”.
أمر آخر نبه إليه قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وهو عدم تحديد ماهية الإدانات النقدية بشكل دقيق، وعدم انسجام النصوص المتعلقة بآجال تقادم الغرامات والإدانات النقدية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على عملية استخلاص الديون العمومية.
ومن أجل تجاوز هذه الإشكالية أوصى قضاة المجلس بإيجاد حل لإشكالية الازدواجية في تدبير تحصيل الغرامات والإدانات النقدية والصوائر والمصاريف القضائية بين محاسبي الخزينة العامة للمملكة ومأموري كتابات الضبط بالمحاكم.
كما شدد المجلس على ضرورة الفصل بين مهام المحاسب العمومي بمحاكم المملكة ومهام الآمر بالصرف، إضافة إلى مراجعة القوانين والأنظمة المعمول بها في مجال التحصيل بهدف تحديد المسؤوليات بشكل واضح.
ودعت المذكرة أيضاً إلى التنسيق بين مصالح وزارة العدل ومصالح وزارة الاقتصاد والمالية من أجل وضع مسطرة واضحة تمكن من تحسين وضعة تحصيل هذه الأموال التي تدخل في خانة الديون العمومية للدولة.
وقد تفاعل وزير الاقتصاد والمالية الجديد، محمد بنشعبون، مع مذكرة إدريس جطو، إذ أورد في جوابه إلى المجلس أنه سيعمل على ملاءمة بعض مواد مدونة تحصيل الديون العمومية في ما يخص التقادم انسجاماً مع مقتضيات قانون المسطرة الجنائية.
كما تعهد الوزير الجديد بإعداد نظام معلوماتي من أجل عصرنة آليات تحصيل الغرامات والمصاريف القضائية، وتسهيل مسطرة أدائها من طرف المدينين في إطار توافقي بين الخزينة العامة للمملكة ووزارة العدل.
كما تفاعلت وزارة العدل، التي يشرف عليها محمد أوجار، هي الأخرى مع الانتقادات التي طالت تحصيل الديون العمومية، وقالت في جوابها إن العمل جار بخصوص مشروع قانون لإحداث وكالة وطنية لتدبير تحصيل الأموال والممتلكات المحجوزة والمرصودة.