سناء الجدني-الرباط
حقبة جديدة يدخلها المجمع الشريف للفوسفاط، بعد تقديم البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد (2023 – 2027) وتوقيع مذكرة التفاهم بين الحكومة والمجمع، المتعلقة بهذا البرنامج.
ونحن لسنا أمام برنامج عمل قصير الأمد، بل أمام برنامج استراتيجي متكامل يأتي ليستكمل العمل الذي تم القيام به في المرحلة السابقة. فقد مكّن البرنامج الذي ارتكز على التوجيهات الملكية سنة 2012، من ترسيخ مكانة المجموعة بقوة في سوق الأسمدة، حيث تضاعفت قدرات إنتاج الأسمدة ثلاث مرات، مما جعل المجموعة اليوم، أحد أكبر منتجي ومصدري الأسمدة الفوسفاطية في العالم.
وقد اعتمدت المجموعة على قدرات البحث والتطوير التي تزخر بها جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) من أجل الاستفادة من الفرص التي تتيحها التكنولوجيات الصناعية والرقمية الجديدة، وتطوير الخبرات في مجال التقنيات المبتكرة للتسميد المعقلن القادرة على رفع تحديات الفلاحة المستدامة والأمن الغذائي.
وبعد النجاح المحقق، ويرتكز البرنامج الجديد على الرفع من قدرات إنتاج الأسمدة، مع الالتزام بتحقيق الحياد الكربوني قبل سنة 2040، وذلك من خلال الاعتماد على الإمكانات الفريدة من الطاقة المتجددة، وعلى المنجزات والمكاسب التي حققتها المملكة في هذا المجال، بفضل القيادة الرشيدة والرؤية السديدة لصاحب الجلالة.
ومن خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، تهدف المجموعة إلى تزويد جميع منشآتها الصناعية بالطاقة الخضراء بحلول سنة 2027. وستمكن هذه الطاقة الخالية من الكربون من تزويد المنشآت الجديدة لتحلية مياه البحر، من أجل تلبية احتياجات المجموعة، وكذا تزويد المناطق المجاورة لمواقع المجمع الشريف للفوسفاط بالماء الصالح للشرب والري.
وستمكن هذه الاستثمارات، على المدى البعيد، من وضع حد لاعتماد المجموعة، التي تعتبر المستورد الأول للأمونياك على الصعيد العالمي، على هذه الواردات، وذلك عبر الاستثمار في سلسلة الطاقات المتجددة – الهيدروجين الأخضر – الأمونياك الأخضر، مما سيمكنها من ولوج سوق الأسمدة الخضراء بقوة وحلول التسميد الملائمة للاحتياجات الخاصة لمختلف أنواع التربة والزراعات.
وسيتم تعزيز هذا الطموح من خلال برامج دعم المقاولات الصناعية الصغرى والمتوسطة، وكذا المقاولات الفاعلة في قطاعي الطاقة والفلاحة. وهو ما سيساهم في بروز منظومة بيئية وطنية مبتكرة، وخلق فرص جديدة للشغل والإدماج المهني للشباب.
وقد خصص لهذا البرنامج الجديد، الذي يهدف إلى ترسيخ المكانة العالمية لمجموعة OCP ، استثمار إجمالي يقدر بـ 130 مليار درهم خلال الفترة 2023 – 2027، ويهدف إلى تحقيق نسبة إدماج محلي تصل إلى 70 في المائة، إضافة إلى مواكبة 600 مقاولة صناعية مغربية، وخلق 25000 منصب شغل مباشر وغير مباشر.
لقد أصبحت مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط مؤسسة وطنية ذات تأثير دولي، تحمل هم الأمن الغذائي للعالم ككل، وليس فقط القارة الإفريقية. فمن خلال المجهود الاستثماري الذي بذلته المؤسسة في السنوات المقبلة، نجح المغرب في تجوير صناعة فوسفاطية حقيقية، وباتت أغلب دول العالم تنتظر وصول الأسمدة ومشتقات الفوسفاط المغربية من أجل تنمية فلاحتها..إنها الأمن الغذائي بكل بساطة.
لكن هذه المؤسسة، وعلى الرغم من كل هذا النجاح والتطور على الصعيد الدولي، فقد حافظت على روح “مغربيتها” في تحقيق التضامن الإفريقي، ولا أدل على ذلك هو ملايين الأطنان من الأسمدة التي توزع على الدول الإفريقية كمساعدات مباسرة تسعى إلى المساهمة في رفع تحدي نقص الغذاء الذي تعيشه عدد من الدول.