محمد الشمسي
كان الناس في رمضان هذا متعطشين لصلاة التراويح بعد حرمانهم منها خلال رمضان المنصرم، لكن العثماني قرر في “الدقيقة 90” كتابة “ممنوع الخروج من البيوت من غروب الشمس إلى الفجر”، فأصر البعض على إقامة صلاة التراويح رغم ذلك المنع، ويعلم الله مصير ذلك الإمام الذي قرر التحدي وإمامة المصلين في طنجة، تقول المصادر أن الشرطة داهمت المسجد، وأن الإمام هرب هربة لم يهربها هارب من قبل، وأنه بات يدعو الناس لإخفائه عن البوليس بعدما كان يؤمهم ويدعو لهم بالمغفرة والثواب…شأنه شأن زميل له خرج لصلاة التراويح في مراكش فدخل الى الحبس….
لعلها النهاية غير السعيدة لصلاة التراويح التي استحدثها العثماني بقراراته “العوجاء”،حتى جاز وصفها ب”صلاة التراويح على الطريقة العثمانية”، نسبة إلى “شيخها العثماني”، وهي صلاة لها شروط وأركان ومستحبات ومكروهات، حيث يشترط أن يكون طالبها ضابطا ليس في البوليس أو في العسكر، بل ضابطا لمداخل ومخارج مكان إقامة الصلاة، بأن يتفادى الصلاة في زنقة مسدودة، وأن يكون سريعا قادرا على الاختراق، ومميزا لسيارة البوليس والقايد والمخازنية، وأن يُبقي على حواسه مشتغلة، فيكون جسده في الصلاة و”العينين والودنين كيتحسو” قدوم المقدمين.
فأما شرط أن تكون صلاته في زقاق مفتوح بمعنى “متكونش زنقة مكتخرجش”، وأن يكون سريعا مخترقا فهذا بسبب احتمال مباغتة رجال السلطة له وهو يصلي “التراويح العثمانية الكوطربوند”، ويخير “المصلي المدعوق” بين أن يحمل “الصلاية” إن استطاع الى ذلك سبيلا، أو”يسمح فيها”و يطلق ساقيه للريح ويضربها “بشي جرية” يمر بها على الشرطة والمخازنية والمقدمين كالبرق.
وعن لباس صلاة التراويح على الطريقة العثمانية فإنه يُوصى بارتداء بذلة وحذاء رياضيين مريحين خفيفين، يساعدان المصلي على”الدرديك” ساعة “الدق تم”، ويمكن للمصلي أن يضع قبعة ولو ليلا، والشاهد على هذا الشرط هو إخفاء المصلي لوجهه للحيلولة دون تعرف البوليس والقايد والمقدمين عليه، فيصبح “روشيرشي” في الصباح الموالي، ويستحب أن يكون مكان أداء التراويح على الطريقة العثمانية مظلما غير متاخم ولا “طال” على شارع رئيسي، بعيدا عن كل كوميسارية أو ملحقة إدارية، قريبا من بيت المصلي ليفر إليه عند الحاجة.
وعن كيفية أداء صلاة التراويح على الطريقة العثمانية فشرط الجهر في القراءة واستعمال مكبر الصوت مكروه بالإجماع، ويستحب قراءة قصار السور مع السرعة ودون حاجة لتجويد، والحرص على وضع الكفين معا فوق القلب لخفض نبضاته.
وعن عدد ركعاتها فإن صلاة التراويح على الطريقة العثمانية تستحضر الأحوال، ولا نعني بهذا أحوال الطقس، بل أحوال حملات البوليس والمقدمين، فإن كانت “القيامة نايضة” فالنية أبلغ من العمل، وإن كانت “الدنيا هانية”، فإتمام الصلاة مع الأخذ بالشروط والأركان والسنن، ولا قضاء على من فر من صلاته، ليس لاحتمال نقض الوضوء، بل لأن كل قضاء سيعرضه على القضاء.
وفي الأخير فإن من نجا بصلاته وأتمها و”منع بجلدو” فحكم صلاته عند المجلس العلمي، وأما من “حصل” فالسحور في ضيافة البوليس، وبقية رمضان في سجن عكاشة و الخروج “حتى يقرب لعيد لكبير”.
بقي فقط أنه من مستحبات التراويح العثمانية ان يدعو قاصدها بدعاء “اللهم إنا نعوذ بك من سوء المنقلب”ويضيف “اللهم أنت الخليفة في الاهل”.