محمد الشمسي*
قضت غرفة الجنايات باستئنافية طنجة بإعدام قاتل الطفل عدنان، لكن سرعان ما برزت من تحت الرماد جهات تستنكر عقوبة الإعدام تلك، وكأن المذنب القاتل يستحق الحياة دون الضحية الصغير البريء المقتول غدرا و الذي استُدرِج بسذاجة وبراءة نحو مقتله، تختل المفاهيم لدى إخوتنا في عدد من الإئتلافات والاتحادات والجمعيات التي وجدت نفسها غارقة تحت قاع التناقض والتضاد بين دفاعها المستميت والمشروع عن حقوق الإنسان، وتورطها المكشوف في الدفاع عن سالبي الحق في الحياة، لتتحول في نهاية المطاف إلى تجمعات للدفاع عن القتلة المدانين ضد أرواح المغدورين المقتولين …لكن هؤلاء الغلاة وقبل أن يضغطوا ضغطهم الهش على الدولة بأن تمتع قتلة الصغار بعيش رغيد خلف أسوار السجن على نفقة الشعب، عليهم ألا ينخدعوا بحجمهم، وحسبنا هاهنا استفتاء شعبيا، أو دراسة علمية تنظمها مؤسسة محترفة حتى نعلم جميعا أين تتجه بوصلة الأمة؟، هل تسير نحو تمجيد القتلة تحت خدعة ” الحق في الحياة”، أم تنْحُ نحو التطبيق السليم للقانون كيفما كانت العقوبة بلا هوادة ولا لين، فالقانون ليس وحشيا ولكن بعض الأفعال الإجرامية هي البشعة الفظيعة فأعد لها القانون الردع المناسب…
أعرف بعضا منهم، التقينا في أكثر من ندوة، يناهضون عقوبة الإعدام بحماس زائد لكنهم لا يقنعون المنصتين لهم بصواب رأيهم، منهم من قال انه لا يثق في القضاء حتى يستأمن عليه أرواح المتهمين، قلنا لهم من لا يثق في أحكام القضاء القاضية بالإعدام عليه أن لا يثق حتى في أحكامه القاضية بالبراءة، أتهللون للبراءة وتشككون في الإدانة؟، منهم من يقول إن الإعدام اعتداء على الحق في الحياة، قلنا لهم إن المذنب المدان هو من اعتدى على ذلك الحق في الحياة وبصورة بشعة ولا إنسانية ولا حضارية، فمن يدافع عن الحق في الحياة للمقتول الذي أزهقت روحه بطيش ورعونة قاتله إذا أنتم جيشتم الجيوش للدفاع عن السفاحين؟،…قالوا إن عقوبة الإعدام وحشية غير حضارية، قلنا لهم وهل عمل الجاني قاتل الصغار بعد اغتصابهم، ومزهق الأرواح ومقطع أوصال الجثث عمل إنساني حضاري؟، فالأولى أن نواجه عملا وحشيا بجزاء وحشي مثله، أليست هذه هي العدالة؟، ثم قالوا إن الإعدام يخالف الدستور، قلنا لهم هل في الدستور مادة تقدس مغتصبي الأطفال وقتلتهم؟…
ونختم بالقول لهم أن صورة الطفل عدنان في “السوشل ميديا” تلومكم وتعاتبكم حد اللسع بابتسامته الصادقة الخالصة البريئة وتقول لكم: “هناك من يعبد الله بتطرف، وهناك من يدافع عن حقوق الإنسان بتطرف”…وسحقا لزمن تساوت فيه روح الطفل عدنان مع قضية قاتل جبان…أقول هذا والمتهم لازال بريئا حتى تثبت إدانته بحكم قطعي حائز لقوة الشيء المقضي به.
*محامي بهيئة الدار البيضاء