محمد الشمسي
تستحق السيدة نبيلة الرميلي دخول كتاب غينيس، بعدما قفزت فوق كل الحواجز وحطمت كل الأرقام، ففي أقل من شهر وضعت السيدة نبيلة ملف ترشيحها في مقر العمالة، وإذا بالنجاحات تأتيها صفا صفا، وراحت تتسلق الدرجات والسلالم والمناصب بدون عناء مباراة ولا مشاق اختبار ولا نكد أقدمية، فقط ببركة السياسة…ولم تقف إلا وهي تدخل القصر الملكي وتخرج منه توتي كتابها أو حقيبتها الوزارية بيمينها، بعدما ظفرت بعضوية وعمدة مجلس مدينة الدارالبيضاء، ولو لم تتوقف عقارب المغامرة في الحقيبة الوزارية لكان “مازال العاطي يعطي”، لذلك اخترت أن أسميها “سوبير نبيلة”، أو “نبيلة الخارقة”…إلا أن المسكينة جنت من المناصب أصعبها وأثقلها وأعوصها وأعسرها وأوعرها، فالدارالبيضاء هي مدينة دولة، بتعداد سكانها وترامي أطرافها، وتعقد وتداخل مشاكلها، فليس هناك أكبر من الدارالبيضاء غير مشاكل الدارالبيضاء.
وسبب نزول هذا المقال هو حدة الزحمة التي تعيشها المدينة التي تتخذ من البياض صفة، وواقع حالها يؤكد أنه سواد قاتم، فالدار البيضاء تبدو وكأنها تكبر وتتضخم في غفلة من المسؤولين الذين تعاقبوا عليها أو الذين عاقبوها حين خانوها، الشوارع كانت لا تتسع لصبيب وسائل النقل الكثيرة والمتنوعة، فتفتقت عبقرية أحدهم وأفتى بوجوب خنق تلك الشوارع المخنوقة، وخلقوا كائنا اسمه الترامواي ” اللي زيرها نيت”، وتحولت الشوارع بوجوده الى ما يشبه سواقي المياه العادمة التي لا تتسع حتى لمياهها، ثم زاد “علماء الدارالبيضاء” في غيهم وقرروا نشر سكك الترامواي وتباطئوا في إنجاز الأشغال فخنوقها خنقا، ففي شوارع مثل محمد السادس والعقيد العلام والقوات المساعدة وأنوال وادريس الحارثي وطريق بنسلمان، وطريق أولاد زيان قد تضطر للوقف بسيارتك حتى “تنوض لك اللحية”، و”يخسر لك لكلاكسون”،”ويكبرو اولادك في الدار” ولا لشيء سوى حواجز معدنية تخفي حركة أشغال باردة هادئة، ولا يبدو أنها ستنتهي إلا بانتهاء مخزون البيضاويين من الصبر…أو بعد انتهاء ولاية السيدة العمدة.
مدينة الدارالبيضاء تستغيث يا “سوبير نبيلة”، إنها تختنق وتحتضر والبيضاويون يقضون ليلهم يفكرون في معارك الوصول الى مقرات عملهم أو دراستهم، فحتى الطريق المؤدي الى مقبرة الغفران لم تسلم من الزحمة، وهذا حال البيضاوي يعيش في الزحام ويموت في الزحام ويدفن في الزحام، فماذا أنت فاعلة يا “سوبير نبيلة” وأنت طبيبة ومدينتك التي أنت عمدتها تعاني من إمساك شامل على مستوى المدخل والمخرج، وسكانها وسط زحمتهم يستهلكون الأدوية المضادة للاكتئاب؟.
هل تأمرين مثلا بخلق ثلاث فرق عمل للمداومة 24 ساعة على 24 ساعة، كل فريق يعمل 8 ساعات؟ هل تفكرين مثلا في بناء طرق وجسور معلقة فقد آن أوانها في مدينة تتمدد في الساعة الواحدة عشرات المرات؟ هل ترفعين الضغط على مناطق دون أخرى برفع مبررات ذلك الضغط مثلا؟ هل تكثرين من الممرات الأرضية وتسرعين أشغالها؟.
إلى أن تصفي الدواء المناسب لمدينة مريضة هي وأهلها بفيروس الزحام، أبارك لك المناصب والمغانم والمكاسب وعين الحسود فيها عود، و”عقوبة” لرئاسة الحكومة إن شاء الله.