قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إن بلاده موجودة تاريخيًا قبل الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 30 عامًا، وإن المملكة لن تدفع شيئًا مقابل أمنها.
جاء ذلك في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ” الأمريكية، نشرتها مساء الجمعة، على موقعها الإلكتروني، رد خلالها الأمير السعودي على أسئلة تتعلق بتصريحات للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن المملكة.
ونقلت وسائل إعلام غربية، قبل يومين، تصريحات لترامب، في خطاب جماهيري بولاية أمريكية، قال فيها: “حذّرت الملك (السعودي) سلمان بن عبد العزيز، أنه لن يبقى في السلطة أسبوعين” دون الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية.
** لا مقابل
وردًا على ذلك، قال بن سلمان، إن “السعودية كانت موجودة قبل الولايات المتحدة الأمريكية، إنها موجودة منذ عام 1744، أعتقد قبل أكثر من 30 عامًا من وجود الولايات المتحدة”.
وأضاف: “السعودية تحتاج إلى ما يقارب ألفي عام لكي ربما تواجه بعض المخاطر.. لذلك أعتقد بأن ذلك (تصريح ترامب) غير دقيق”.
واعتبر الأمير السعودي أن بلاده “تقبل مسألة أن أي صديق سيقول أمورًا جيدة وسيئة”، رافضًا في الوقت ذاته المقارنة بين “التدخل” الكندي الأخير في مسألة حقوقية ببلاده مع تصريحات ترامب.
وتابع بهذا الخصوص: “الأمر مختلف تمامًا، كندا أعطت أمرًا للسعودية بشأن مسألة داخلية، إنه ليس رأي كندا حول السعودية بقدر ما هو إعطاء أمر لدولة أخرى؛ لذلك نعتقد بأن هذه قضية مختلفة تمامًا”.
وفي المقابل، رأى “بن سلمان” أن ترامب “كان يتحدث لشعبه داخل الولايات المتحدة الأمريكية عن قضية”.
وشدّد قائلًا: “في الواقع لن ندفع شيئًا مقابل أمننا، نعتقد بأن جميع الأسلحة التي حصلنا عليها من الولايات المتحدة الأمريكية قد دفعنا من أجلها، إنها ليست أسلحة مجانية”.
وفي تقييمه لما طرحه ترامب، دعا الأمير السعودي للنظر إلى “الصورة بشكل عام سيكون لديك 99% من الأمور الجيدة ومسألة سيئة واحدة فقط”، مؤكدًا أنه يحب العمل مع الرئيس الأمريكي.
وكانت أزمة دبلوماسية قد ثارت بين كندا والسعودية في أغسطس/آب الماضي، عندما دعت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، الرياض، إلى الإفراج عمن أسمتهم “نشطاء المجتمع المدني” تم توقيفهم في المملكة، قبل أن تتخذ المملكة إجراءات بينها استدعاء سفيرها ومطالبة السفير الكندي بمغادرة البلاد.
** المنطقة المحايدة
وحول مباحثات السعودية مع الكويت لإعادة تنشيط إنتاج النفط في المنطقة المحايدة الحدودية بن البلدين، قال بن سلمان: “نعتقد أن مسألة عالقة منذ 50 سنة يكاد يكون من المستحيل حلُّها في أسابيع قليلة”.
وأوضح أن بلاده تسعى لـ”الحصول على اتفاق مع الكويتيين لكي نستمر في الإنتاج للسنوات الـ5 إلى الـ10 القادمة، وفي الوقت ذاته نعمل على حلِّ مسائل السيادة”.
وأضاف: “القيادة الكويتية تريد فعلًا المضي قُدُمًا في ذلك، نحن نعتقد أن جزءًا منهم هناك يريدون التمسُّكَ بمسائل السيادة قبل المُضي قُدُمًا، والجزء الآخر في الكويت يؤيدون ما نحاول قوله، هو أمرٌ جيد، وأعتقد أنها مسألة وقتٍ حتى يتم حلُّها”.
وحل بن سلمان بالكويت مؤخرا في زيارة قصيرة شملت مباحثات لتعزيز العلاقات، وتلاها بيان كويتي من وزارة الخارجية ينفي ما تردد عن وجود أزمة مع السعودية عقب الزيارة، دون أن تقدم تفاصيل.
** توقيفات “ريتز كارلتون”
وحول حصيلة الأموال التي حصلت عليها المملكة من الأشخاص الذين أوقفتهم في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض، قال بن سلمان: “لست متأكدًا من الرقم، لكني أعتقد أنه فوق 35 مليار دولار اليوم”.
وأضاف: “أعتقد أننا سنصل للرقم النهائي ربما خلال العامين القادمين. تم تحصيل 40% من المبلغ الحالي على شكل نقد، و60% الباقية في الغالب على شكل أصول”.
وحول وجود محاكمات بشأن الأشخاص الموقوفين على ذمة هذه القضية، أجاب بن سلمان: “لقد تبقى حوالي ثمانية أشخاص. هم الآن مع محامين خاصين بهم، ويواجهون القانون بالسعودية”.
وفي سابقة لم يشهدها تاريخ السعودية، ألقت السلطات في 4 نوفمبر/تشرين أول 2017 القبض على أكثر من 200 شخص، منهم أمراء ومسؤولين ورجال أعمال، بتهم فساد، واحتجزتهم في “ريتز كارلتون”، وأطلقت لاحقا أغلبهم عقب موافقات على تسويات، وفق ما نقلته وسائل إعلامية محلية وغربية.
** أزمة كندا وألمانيا
وفي قضية أخرى، كشف ولي العهد السعودي، أن بلاده قررت عودة سفيرها إلى ألمانيا عقب أشهر من استدعائه، إثر توتر في العلاقة بين البلدين.
واستدعت الرياض سفيرها الأمير خالد بن بندر بن سلطان، من برلين للتشاور في نوفمبر / تشرين ثان 2017، إثر تصريحات لوزير الخارجية الألماني آنذاك سيغمار غابرييل، انتقد فيها السياسة السعودية.
وفي 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، قالت السعودية إن برلين أعربت عن أسفها جراء ما شهدته علاقاتها مع المملكة من سوء فهم خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما رحبت به الرياض، داعية وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس، لزيارة السعودية في أقرب فرصة.
وبخصوص إمكانية حل الأزمة مع كندا، قال ولي العهد السعودي: “يجب عليهم الاعتذار (..) كما يجب عليهم أن يعرفوا أنهم ارتكبوا خطأً، ولكننا سننظر إلى كيفية إعادة الأمور إلى مجراها”.
وحول المطالبات الحقوقية بإنهاء قانون الوصاية على النساء (يواجه انتقادات حقوقية)، أجاب: “إذا ما ألقينا نظرةً على الوضع في فترة السبعينات، فسنجدُ أنهُ يختلف عن وضعنا اليوم، وإنْ لم أكن مُخطئًا، فإن قانون الوصاية قد وضِع عام 1979”.
وأوضح: “الآن نحنُ ننظر في القوانين التي وضِعت بعد عام 1979، حيثُ نتباحثُها مع مُعظم أعضاء هيئة كبار العُلماء لنرى ما هو إسلاميًّا منها، وما ليس بإسلامي في هذا المجال، وأنا أعتقد أن هُناك فُرصةً في هذا المجال”.
** مستقبل الصراع اليمني
وحول أفق إنهاء الصراع في اليمن، قال بن سلمان: “آمل أن ينتهي ذلك في أقرب وقت ممكن (..) لا نريد أن يكون لدينا حزب الله جديد في شبه الجزيرة العربية. هذا خط أحمر ليس بالنسبة للسعودية فحسب، وإنما للعالم أجمع”.
وأضاف: “نحن نأمل بأن يكونوا (الحوثيون) مستعدين للتفاوض والتوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن”.
ومنذ نحو 4 أعوام، تشهد اليمن حربًا عنيفة بين القوات الحكومية، مسنودة بالتحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية من جهة، ومسلحي جماعة “الحوثي” من جهة أخرى، ما تسبب بتدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية بشكل غير مسبوق.