24 ساعة ـ متابعة
شاءت الأقدار أن يعلن عن وفاة نوزير الدفاع الجزائري السابق خالد نزار عن عمر يناهز 86 سنة، في نفس اليوم الذي يحدد فيه القضاء السويسري تاريخ محاكمته بتهم جرائم حرب تتعلق بفترة التسعينيات في الجزائر. وورد خبر الوفاة في بيان مقتضب نشره موقع “ألجيري باتريوتيك”، جاء فيه “يؤسفنا أن نعلن وفاة المجاهد خالد نزار عن عمر يناهز 86 سنة. ندعو الله أن يسكنه فسيح جناته”.
حالد نزار شخصية جدلية في الجزائر، في تاريخ الجزائر الحديث. تنقسم حولها الآراء بحدة، بالنظر لدوره الحاسم في أحداث مفصلية، خاصة سنوات الأزمة الأمنية بداية سنوات التسعين من القرن الماضي.
خالد نزار اقترن اسمه بقمع الانتفاضة الشعبية
برحيله تطوى صفحة هامة من تاريخ الجزائر الحديث، حيث اقترن اسمه بقمع الانتفاضة الشعبية، التي وقعت في 5 أكتوبر 1988، التي خلفت 500 قتيل. وبإلغاء نتائج انتخابات البرلمان نهاية 1991، التي حقق فيها الإسلاميون فوزاً ساحقاً، دخلت البلاد في حرب أهلية عرفت بـ«العشرية السوداء».
وأعلن عن وفاة أكبر خصم للإسلاميين الموقع الإلكتروني، الذي يديره ابنه لطفي نزار “آلجيري باتريوتيك”. وكان اللواء المتقاعد (86 سنة) قد عاد في غشت الماضي إلى الواجهة، بعد أن اتهمته النيابة السويسرية. بـ«ارتكاب جرائم ضد الإنسانية». بناء على شكوى رفعها ضده عضوان في “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” المنحلة، وهما لاجئان بأوروبا، اتهماه فيها بـ«تعذيبهما» خلال فترة الاقتتال الدامي مع الجماعات المتشددة.
وعدّت السلطات الجزائرية اتهامه “أمراً غير مقبول”، وأن القضية “بلغت حدوداً لا يمكن التسامح معها”. وأعلنت عزمها “استخلاص كل النتائج، بما فيها تلك التي هي أبعد من أن تكون مرغوبة في مستقبل العلاقات الجزائرية – السويسرية”، وفق الكلام الذي وجّهه وزير الخارجية أحمد عطاف لنظيره السويسري في اتصال هاتفي.
والراحل من مواليد قرية سريانة بولاية باتنة التي تعرف بمنطقة الأوراس شرق الجزائر في 27 ديسمبر 1937. في عام 1982 أصبح قائدا للمنطقة العسكرية الخامسة بقسنطينة شرق البلاد، ثم عين قائدًا للقوات البرية ونائبًا لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في 16 يونيو 1987.أكتوبر 1988 التي عرفت بانتفاضة الجزائريين ضد الظروف الاقتصادية. ونظام الحزب الواحد، عهد إليه بمهمة إعادة النظام، وقد سقط في تلك الأحداث المئات من الوفيات.
وفي 10 يوليو 1990، عيّنه الرئيس الشاذلي بن جديد وزيرا للدفاع، وبقي في هذا المنصب إلى 27 يوليو 1993. وخلال هذه المدة التي شهدت صعودا لافتا للإسلاميين، كان له دور مفصلي في وقف المسار الانتخابي بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ. بالدور الأول نهاية سنة 1991 في الانتخابات التشريعية. وكانت تتأهب لتكتسح أغلب مقاعد البرلمان، وهي الأزمة التي أدت بالرئيس الشاذلي بن جديد للاستقالة واعتبر نزار أبرز من دفعوه لذلك.
الرجل القوي في النظام سابقا عاد للبلاد بشكل مثير للجدل
لكن الرجل القوي في النظام سابقا عاد للبلاد بشكل مثير للجدل في كانون الديسمبر 2020 مستفيدا من إلغاء الأحكام القضائية الصادرة بحقه. وفي أغسطس 2022 ، أعاد الرئيس عبد المجيد تبون الاعتبار للواء المتقاعد خالد نزار، حيث قام بتكريمه ضمن جملة من كبار القادة العسكريين. الذين دخلوا السجن في فترة رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح. ، وتوبعوا بتهم خطيرة تتعلق بإضعاف معنويات الجيش والتآمر على سلطة الدولة والجيش.
وعرف عن الرجل رغم الانتقاد الشديد المستمر منذ نحو 40 سنة، الخيارات التي اتخذها عندما كان أقوى شخص في السلطة بعد استقالة الشاذلي بن جديد، ووضع عدة مؤلفات وأجرى حوارات صحافية تدافع عن نظرته في منع الإسلاميين. من الوصول إلى السلطة ومشروعهم الذي كان يهدف حسبه لأفغنة الجزائر، ويؤيده في ذلك فصيل سياسي جزائري يعتبرونه “منقذ الجمهورية”. لكن خصومه يتهمونه في المقابل بالمسؤولية السياسية عن تفاقم الأزمة الأمنية التي لم تخرج منها البلاد إلا في بداية سنوات الألفين.