الرباط-قمر خائف الله
تتميز مناسبة إحياء “عاشوراء”، التي توافق العاشر من شهر محرم في السنة الهجرية، بعادات وطقوس احتفالية مختلفة لدى مختلف الدول العربية.
وترتبط مناسبة عاشوراء لدى المسلمين بيوم نجاة سيدنا موسى عليه السلام وقومه من فرعون، كما يصادف مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معركة كربلاء، وكلمة عاشوراء تعني العاشر في اللغة العربية، ومن هنا تأتي التسمية.
مظاهر احتفالية مختلفة
وكانت بعد الدول تتخذ من يوم عاشوراء عطلة رسمية، مثل إيران، باكستان، لبنان، البحرين، الهند، العراق والجزائر، وتختلف طقوس ومراسم الاحتفال بـه من دولة إلى أخرى، ففي الدول ذات الأغلبية السنية تتلخص مظاهر الاحتفال بصيام اليوم، وإعداد بعض أطباق الحلوى مثل “طبق عاشوراء” في مصر، بينما تشهد الدول التي تكثر فيها الطوائف الشيعية، مظاهر احتفالية صاخبة.
ويسمى هذا اليوم الإستثنائي، ببلادنا بيوم زمزم، حيت تستعد الأسر المغربية بأيام طويلة، ويتم شراء الهدايا للأطفال، وإزدهار التجارة خلال هذه الفترة وإستغلالها من قبل التجّار لبيع كل بضائعهم، كما أنها فرصة لزيارة الأهل والأقارب.
ليلة الشعالة
ويعقب عاشوراء “ليلة الشعالة” حيث يجتمع الأطفال في الشوارع والأزقة حول نار يرددون الأهازيج ويرقصون مرحا على قرع الطبول، كما تكثر الحكايات الأسطورية في هذا اليوم من قبل الكبار، بعضها يحكي قصة موت الحسن و الحسين وبعضها يحكي قصصا اخرى.
ويصاحب هذا اليوم وجبة “الكسكس” في كل البيوت، و أيضا الفاكهة الجافة ” اللوز، التمر، الكركاع”، أما في البوادي والأرياف المغربية فإن الماء في هذا اليوم يحتفظ بقدسية خاصة، حيث يلجأ الفلاحون وربات البيوت، مع إعلان الفجر، وقبل أن تطلع الشمس، إلى رش كل ممتلكاتهم بالماء البارد، حيث ترش قطعان الغنم والبقر، وغيرها، كما ترش الحبوب المخزنة، وجرار الزيت والسمن، وتقوم الأمهات برش وجوه الأبناء، الذين يتنافسون في الاستيقاظ المبكر، لأنهم يؤمنون، حسب ما يردده الأجداد، بأن من يكون هذا اليوم نشيطا يقضي كل عامه على نفس المنوال، ومن يتأخر في النوم إلى أن تشرق الشمس، يغرق في الكسل ما تبقى من العام.
طقوس الشعوذة
وبالرغم من كل هذه الممارسات والتقاليد الجميلة التي تصاحب هذا اليوم، إلا أنها باتت اليوم، في المغرب وفي بعض الدول الأخرى، مقرونة بعدد من الطقوس المختلفة، ومنافية لما ينصّ عليه الدين الإسلامي، مثل التعاطي للسحر والشعوذة.
وفي هذه الفترة، يكون التردد على “السحرة” و”الشوافات” بكثرة، من مختلف شرائح المجتمع ومختلف الأعمار، وتتعدد الأسباب الداعية إلى ذلك، فهناك من يقصد هذه الأماكن بغية الزواج، وهناك من يسعى لجلب المحبة ما يسمى “التهييج”، في حين يرغب البعض في القيام بأعمال شيطانية بغية الانتقام فيستخدمون السحر الأسود لتفرقة الأزواج أو رغبة في نشوء صراعات وخصومات عائلية.
وبهذه المناسبة، يكثر الإقبال على العطارين بغية اقتناء البخور وما يسمى بـ”التفوسيخة”، إضافة إلى تردد العديد من الناس على الأسواق السرية لاقتناء وصفات السحر الحيوانية، ناهيك عن زيارة السادات والأضرحة وقبور الموتى.
ويستغل “السحرة” يوم عاشوراء، لرمي السحر المدبر في نيران “الشعالة” التي يشعلها الشباب في تلك الليلة ويلهون بقربها، مقرونة بأهازيج شعبية، معتقدين أنه كلما احترق السحر كلما كان مفعوله قويا، حسب الأساطير.
تفجير المفرقعات
ورغم الاستنكار الذي تُواجَه به هذه الطقوس فإنها ما فتئت تتكرر سنة بعد أخرى، دون أن يُفلح التطوّر الذي يشهده المجتمع المغربي في الحدّ منها، بل إنها مرشحة لأن تستمر في المستقبل، خاصة أنَّ “مشعلَ” جزء منها يحمله الشباب والأطفال الصغار.
وبالإضافة إلى أعمال السحر والشعوذة، تعرف مناسبة عاشوراء ممارسة عدد من الطقوس المزعجة، كتفجير الأطفال للمفرقعات، ورشّ المارة بالماء، وإشعال النار في الفضاءات العمومية، والقفز عليها؛ وهي أعمال يتوهم ممارسوها أنهم “يطردون النحس والبلاء”.