نجيب الأضادي
أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون الأربعاءالماضي، أن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى عدنان أبو الوليد الصحراوي؛ قتل على أيدي قوات بلده وذلك في تغريدتين متتاليتين، دون ذكر تفاصيل أو توضيحات أخرى …وهذا الأمر غير صحيح بالمرة ومجرد ركوب على الأحداث من طرف إيمانويل ماكرون لاعتبارات إنتخابية محضة ..
والحال أن تصفية عدنان ابو الوليد كانت بتاريخ 27 غشت الماضي من سنة 2021 قرب الحدود بين النيجر وشمال شرق مالي في منطقة تسمى ”ميناكا”.
وحسب مصادر جد خاصة فإن أمير الدولة الإسلامية بالصحراء الكبرى قتل في مناوشات مع زعيم جماعة القسم بالدم حول السطو على شاحنة من الأسلحة كانت في الطريق من ثكنة نيجرية إلى شمال شرق مالي، وقد قامت الجماعة المذكورة بتسريب هذ المعلومة الى أعيان قبيلة مالية، كان أبو الوليد قد تزوج من إحدى بناتهم، وهذه القبيلة هي من سربت هذه المعلومة إلى السلطات الفرنسية؛ هذه الأخيرة التي فضلت الإحتفاظ بسرية هذه المعلومة تحت مسمى “secret défense “”..
فرنسا لم ترد إطلاقا كشف هذه المعلومة الإستراتيجية المهمة. ولو أنها في صالحها وفي صالح ماكرون، الذي عانى من ضغط الشارع ،ومن الإنتقادات التي رافقت تفشي وباء كورونا، وكذلك إحراج الجمهورية الفرنسية أمام الرأي العام الفرنسي والأوروبي والدولي من عدم قدرة فرنسا على مكافحة الإرهاب في الساحل والصحراء ،خاصة في شمال مالي بعد وقوع عدة عمليات إرهابية مسلحة ،راح ضحيتها عدة جنود فرنسيين،الإ أن فرنسا دائما كانت تفضل التكتم ،لأنها لا تملك معلومات دقيقة من جهة وأنها لا تتوفر على جثة أبو الوليد الصحراوي من جهة أخرى، وفي نفس الوقت صيد ثمين هكذا كان يحتاج إلى زخم إعلامي وبروباغندا واسعة، الأمر الذي لم تكن فرنسا على استعداد لذلك لوجود أحداث إقليمية جيوستراتيجية في المحيط الإقليمي وداخل فرنسا أيضا كان له تأثير على إرادة فرنسا بخصوص كشف مقتل زعيم داعش في الصحراء الكبرى خيمت على ذلك أيضا طبيعة العلاقات بين المغرب والجزائر ؛العلاقات بين المغرب وإسبانيا وقضية الصحراء المغربية، وما رافق ذلك من مستجدات جيوستراتيجية، بالاظافة إلى المشكل الليبي والإنقلاب في مالي ،وأمور أخرى متعلقة بالعمق الإستراتيجي لفرنسا..
مقتل السائقين المغربيين
الجريمة لم تكن متوقعة و مباشرة بعد وقوع الحادث فتحت الإستخبارات الخارجية المغربية المعروفة اختصارا بـ “La DGED ” تحقيقا حول الحادث من خلال تجميع كل المعلومات والمعطيات المرتبطة به وتحليل جميع الفرضيات بما فيها أن العملية “إرهابية” مخطط لها من قبل..
و منذ الإعلان عن الحادث بدأ التنسيق بين جهاز المخابرات المغربية والأجهزة المالية لتحديد الجماعات التي تنشط في المنطقة التي تتبع لها بلدة ديديني، مكان الحادث، لرسم صورة معينة عن أسباب إطلاق النار على السائقين المغربيين دون غيرهما، وعمن يكون وراء هذا العمل المسلح، وإن كان الأمر يتعلق بعملية محلية أو أن لها أبعاد إقليمية.
وبدأ وضع فرضية “العمل القذر” مطروحا حسب الإعلام المالي، كما أن المعطيات الأولية لا تستبعد استعمال “المرتزقة” لتنفيذ هذه العملية التي استهدفت مغاربة في عملية كان الهدف منها قتل السائقين وكأن الأمر يتعلق بـ”رسالة” مُعينة أريد منها إيصال “شيء ما” إلى المغرب.
وفي الوقت الذي بدأت التحقيقات في الحادث، تبرز العديد من الجماعات التي تنشط في مالي، والتي لها أجنحة مسلحة، مثل ما هو الحال مع “جماعة أنصار الدين”، و”حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا”، و”القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و”حركة تحرير أزواد”، و”الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” التي كان يتزعمها عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي ينحدر من مخيمات تندوف، حيث أن الأخير أصبح خيطا رفيعا في التحقيق الذي بدأت تباشره أجهزة المخابرات المغربية ونظيرتها المالية، خصوصا أن بلدة ديديني التي تبعد 300 كلم عن العاصمة باماكو يفترض أنها تحت سيطرة الجيش المالي، ويصعب تنفيذ مثل هذه العمليات في حق أجانب بضواحيها ..
كل هذه المعطيات ومعلومات استخباراتية أخرى هي التي عجلت وأجبرت فرنسا على الإعلان عن مقتل أبو الوليد الصحراوي والركوب على الحدث في هذا التوقيت:لأنها تدرك فعالية المخابرات المغربية وتدرك أيضا ما وقع بخصوص مقتل السائقين المغربيين ومن هي الجهة الضالعة في ذلك فأراد ماكرون إبعاد الشبهة عن الجزائر وجماعة البوليساريو الإرهابية بأن وظف معلومات استخباراتية لصالحه توظيفا سياسيا وانتخابيا لأنه أبلغ من طرف الإستخبارات الخارجية الفرنسية DGSE بأن كل المعلومات بخصوص هذا الموضوع فهي بحوزة الإستخبارات المغربية الخارجية DGED وخشية أن تهرب الأحداث من بين يديه سارع إلى الإعلان (المسرحية ) بذلك الإخراج الرديئ (…)
فما هي الجهة الضالعة في حادث مقتل سائقين مغربيين بشمال مالي وجرح أخر وما دور فرنسا في ذلك؟ (يتبع)..