24 ساعة ـ متابعة
كشفت مجلة “Modern Diplomacy“ الأمريكية، في تقرير تحليلي حول ما تشهده منطقة شمال إفريقيا من توترات إقليمية بين المغرب والجزائر التي شهدت تصاعدا جديدا يعيد قضية الصحراء المغربية إلى الواجهة الدولية.
ويسلط هذا التقرير الضوء على الجوانب التاريخية والجيوسياسية للنزاع، مع إبراز الأهمية المتزايدة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي قدمته الرباط سنة 2007 كحل عملي وواقعي يحظى بدعم دولي متنام.
ويؤكد الخبراء في المجلة أن استمرار جمود مبادرات الأمم المتحدة منذ عقود دون إحراز تقدم يذكر، يستوجب تبني مقاربة جديدة تضع مصلحة سكان المنطقة في المقدمة، باعتبار أن هذه المقاربة كفيلة بتحرير منطقة المغرب العربي من نزاع مزمن أعاق جهود التكامل والتنمية.
الجزائر توظف النزاع لتعزيز كيان انفصالي
تعود جذور النزاع حسب ما كشفه التقرير، إلى ما بعد انسحاب إسبانيا سنة 1975، وما أعقب ذلك من المسيرة الخضراء السلمية التي نظمها المغرب لاستعادة أقاليمه الجنوبية.
ويشير كذلك، إلى أن محكمة العدل الدولية أقرت بوجود روابط بيعة بين قبائل الصحراء والعرش المغربي، غير أن هذا الموقف القانوني فسر بطرق متباينة، استغلتها الجزائر لدعم جبهة البوليساريو الانفصالية.
وتواصل الجزائر منذ وقف إطلاق النار عام 1991 تقديم دعم سياسي، عسكري، ومالي للجبهة، رغم نفيها الرسمي للتورط المباشر، بينما تخلّفت البوليساريو عن الالتزام بتعهداتها تجاه المسار الأممي.
المغرب يطرح الحكم الذاتي كحل توافقي
قدّم المغرب سنة 2007 مبادرة الحكم الذاتي كحل سياسي توافقي يضمن لسكان الصحراء إدارة شؤونهم المحلية تحت السيادة المغربية.
وتمنح المبادرة صلاحيات موسعة في مجالات التشريع والتنفيذ والقضاء، مقابل احتفاظ الدولة المركزية باختصاصات الدفاع والسياسة الخارجية والعملات.
يحظى المقترح بدعم واضح من دول كبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، إسبانيا وألمانيا، إضافة إلى دعم ميداني من دول إفريقية وعربية قامت بفتح قنصليات في العيون والداخلة، ما يعكس شرعية المقترح على الأرض.
الجزائر ترفض الحل السياسي وتعمّق الأزمة
ترفض الجزائر الانخراط المباشر في المسار السياسي الأممي، وتُصر على اعتبار النزاع “مسألة تصفية استعمار”، متجاهلة السياقات التاريخية والجغرافية التي تثبت مغربية الصحراء.
يفاقم هذا التعنت الأزمة الدبلوماسية ويزيد من حدة التوتر بين الجانبين، وهو ما تُوّج بقطع العلاقات الدبلوماسية سنة 2021.
البوليساريو مهددة للأمن الإقليمي
يبرز التقرير خطورة استمرار النزاع المفتعل على الأمن الإقليمي، في ظل تقارير تفيد بارتباط عناصر من “البوليساريو” بجماعات مسلحة تنشط في الساحل، خاصة في مالي والنيجر.
وتصنّف مراكز أبحاث أمريكية الجبهة ضمن التهديدات الأمنية، مشيرة إلى دورها في تجارة الأسلحة، المخدرات، وتهريب البشر، ما يستوجب موقفًا حازمًا من المجتمع الدولي.
الحكم الذاتي خيار واقعي لإنهاء النزاع
خلص التقرير إلى أن المبادرة المغربية تمثل الخيار الواقعي الوحيد القابل للتطبيق، خصوصًا في ظل التغيرات الجيوسياسية ومراجعة بعض الدول مواقفها التقليدية تجاه القضية.
تؤكد المجلة أن الحكم الذاتي ليس مجرد تصور إداري، بل مشروع سياسي متكامل لإنهاء نزاع عمره أكثر من نصف قرن، كان من أبرز عوائق بناء اتحاد مغاربي فاعل.
وتضع المجلة الكرة في ملعب الجزائر والمجتمع الدولي، مشددة على أن المغرب أبدى حسن نيته واستعداده للحوار. كما تدعو في الختام إلى طي صفحة الانقسام وتمكين شعوب المنطقة من مستقبل قوامه الاستقرار، الوحدة، والتنمية الشاملة.