الرباط-عماد مجدوبي
ستكون سنة 2024 التي نودعها محطة فاصلة في مسار المغرب لتنظيم مونديال 2030، بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال. هذه السنة عرفت انطلاقة عدد كبير من مشاريع تأهيل البنية التحتية للمغرب، في مختلف المجالات، لتكون في مستوى الحدث العالمي.
يوم الأربعاء 11 دجنبر سيبقى راسخا في تاريخ الكرة الوطنية. إذ أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بشكل رسمي اليوم، الأربعاء 11 دجنبر 2024، عن الدول المستضيفة لنهائيات كأس العالم 2030 و2034 خلال الكونغرس الاستثنائي الذي انعقد عن بُعد، من زيورخ.
وكما كان متوقعًا، تم اختيار الملف المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030، ليكون الأول من نوعه الذي يُنظم عبر ثلاث دول في قارتين مختلفتين، وهو ما يعد خطوة كبيرة نحو تعزيز التعاون الرياضي بين هذه الدول.
واللافت في الترشيح المغربي هو تفوقه في عدد من المجالات. فاستنادا إلى الخلاصات التي توصلت إليها التقارير، وطبقا للوائح تقديم ملفات الترشُّح ونظام النقاط المعمول به، اعتُبر ملف تنظيم كأس العالم 2030 ببن المغرب، اسبانيا والبرتغال متجاوزا للحد الأدنى من متطلبات الاستضافة.
وحصلت ملاعب المغرب على أفضل تقييم من طرف الفيفا ، حيث أنها الوحيدة التي لم تحصل على تقييم أقل من 4. هذا التقييم يجعل من المملكة اليوم مؤهلة بقوة لاستضافة الحدث العالمي، وتقديم أفضل نسخة لعشاق المستديرة، ليس فقط على مستوى البنية التحتي ، بل أساسا بالمزيج السياحي والتاريخي والمجتمعي الذي تزخر به وجهة المغرب.
الملك.. صانع أفراح المغاربة
في الرابع من أكتوبر 2023، زف الملك محمد السادس، بفرحة كبيرة للشعب المغربي خبر اعتماد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، بالإجماع، لملف المغرب – إسبانيا – البرتغال كترشيح وحيد لتنظيم كأس العالم 2030 لكرة القدم.
وأكد بلاغ للديوان الملكي أن هذا القرار يمثل إشادة واعترافا بالمكانة الخاصة التي يحظى بها المغرب بين الأمم الكبرى. وبهذه المناسبة، أعرب الملك محمد السادس عن تهانئه لمملكة إسبانيا وجمهورية البرتغال، مجددا جلالته التأكيد على التزام المملكة المغربية بالعمل، في تكامل تام، مع الهيئات المكلفة بهذا الملف في البلدان المضيفة.
الإعلان عن هذا الخبر السار جاء بينما لازال المغاربة يعيشون فرحة المشاركة المتميزة والاستثنائية للمنتخب الوطني المغربي في مونديال “قطر”، والتي جاءت لتتوج اهتماما ملكيا منقطع النظير ومتابعة دقيقة للقطاع الرياضي بالمملكة، والتي أثمرت عن وصول المنتخب الوطني إلى المربع الذهبي.
ولأن المشاركة في المونديال تعكس رؤية استراتيجية للمملكة، فقد حرص الملك على متابعة أدق التفاصيل منذ البداية. فقد ترأس الملك محمد السادس، يوم الأربعاء 4 دجنبر 2024 اجتماعا للمجلس الوزاري، شهد عرض الاستعدادات الجارية لتنظيم الحدث العالمي.
وفي بداية أشغال المجلس، قدم السيد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ورئيس لجنة كأس العالم 2030، عرضا أمام جلالة الملك، حفظه الله، حول تقدم استعدادات المملكة لتنظيم هذا الحدث الرياضي الدولي.
مسار الحلم
العرض الذي قدمه فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ورئيس لجنة كأس العالم 2030، استحضر مختلف المراحل التي قطعها ملف ترشيح المغرب، منذ إعلان الملك محمد السادس شهر مارس 2023 بكيغالي، عن تقديم ملف ترشيح مشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، وكذا إعلان جلالته للشعب المغربي في 4 أكتوبر 2023 عن قرار مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بالإجماع باعتماد ملف المغرب – إسبانيا – البرتغال، كترشيح وحيد، وما صاحب ذلك من تعبئة استثنائية من أجل إعداد ملف ترشيح يستجيب لشروط ومتطلبات دفتر تحملات الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وأكد الوزير بأن هذا الترشيح الثلاثي، الذي تم تقديمه للفيفا في 29 يوليوز 2024، كان نتاج تعبئة قوية وغير مسبوقة من طرف فرق العمل التي تم إحداثها لهذا الغرض، لاسيما على مستوى القطاعات الوزارية والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية والسلطات المحلية المعنية.
وقد منح تقرير تقييم ملف الترشيح، الذي نشره الاتحاد الدولي لكرة القدم مؤخرا، بتاريخ 29 نونبر 2024، درجة استثنائية تتجاوز بشكل كبير الشروط المطلوبة، وذلك في أفق التصويت، إن شاء الله، عن منح تنظيم كأس العالم 2030 للترشيح الثلاثي للمغرب وإسبانيا والبرتغال، خلال الدورة الاستثنائية المقبلة لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ومن أجل رفع تحدي تنظيم يكون في مستوى تطلعات جلالة الملك، أبرز الوزير أنه سيتم، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، إحداث لجنة بتركيبة موسعة تضم على الخصوص، ممثلي المجتمع المدني والمغاربة المقيمين بالخارج وكفاءات إفريقية. وسيتم أيضا الرفع من مستوى التعبئة بتنسيق مع كل الأطراف المعنية، لتسريع تنزيل جميع الأوراش الاستراتيجية والمهيكلة المتعلقة بتنظيم هذه التظاهرة الدولية.
ثورة البنية التحتية
من أجل الاستعداد بشكل جيد، سينخرط المغرب في “ثورة” حقيقية على مستوى بنيته التحية، بما يشمل:
– تأهيل الملاعب ؛
– توسعة وتجديد المطارات بالمدن الستة المستضيفة ؛
– تقوية البنيات التحتية الطرقية وتكثيف شبكاتها داخل المدن ؛
– إطلاق برنامج مندمج للتأهيل الترابي يمتد خارج المدن المستضيفة لمباريات كأس العالم ؛
– تطوير البنية التحتية الفندقية والتجارية ؛
– تقوية وتحديث العرض الصحي ؛
– تطوير وتحديث شبكات الاتصال ؛
– إطلاق برنامج موسع للتكوين من أجل تقوية كفاءات الشباب.
ويؤكد فوزي لقجع أن كأس العالم 2030 لن تكون مجرد منافسة رياضية فحسب، بل تشكل كذلك فرصة فريدة من أجل تقوية دينامية نمو الاقتصاد الوطني خلال السنوات القادمة، وخلق المزيد من فرص الشغل، وتعزيز الجاذبية السياحية للبلاد، والترويج للقيم الكونية للسلام والوحدة والتنمية المستدامة.