أخطاء قاتلة يرتبكها المسؤولون المغاربة أثناء التفاوض مع الشركات الصينية من أجل الاستثمار في المغرب. آخر هؤلاء كان رئيس مجلس المستشارين، الذي وجد نفسه في موقف حرج بسبب عدم استيعابه لمساطر التفاوض حول الاستثمارات. ولتوضيح الأمور، اتصلت صحيفة “24 ساعة” الإلكترونية، بناصر بوشيبة، الأستاذ الباحث بجامعة تشونغشان في مدينة كوانزو، من أجل تسليط الضوء على النقط التي وجب أخذها بعين الاعتبار قبل الحديث عن مسألة الاستثمارات .
ما هي طبيعة الاستثمارات الصينية؟
في قاموس الحكومة الصينية، أغلبية الاستثمارات الخارجية تسمى “مساعدات خارجية” (Yuan Wai) وهي عبارة عن قروض تفضيلية بنفس سعر الفائدة بين المصارف في لندن (LIBOR) ولمدة تسديد للقروض تتراوح بين خمسة وعشرين سنة.وتتفوق هذه القروض عن نظيراتها من البنك العالمي أو منظمة النقد الدولية في كونها لا تطالب الدول المستفيدة بتقديم تنازلات سياسية كإجراء إصلاحات هيكلية أو تغيير مناخ الاعمال أو سن قوانين جديدة. ويرجع ذلك لمبادئ التعاون الخارجي الذي اعتمدتها الصين منذ سنة 1964 والتي على رأسها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الصديقة.
ما هي المسطرة المعتمدة في الصين لمنح الاستثمارات الخارجية؟
عادة تقوم رئاسة الحكومة (Guo Wu Yuan) بتأشير من رئيس الدولة بتفويض كل من وزارة التجارة (MOFCOM)، وزارة الخارجية ووزارة المالية لتدبير ملفات المساعدات الخارجية.تقوم وزارة التجارة بدراسة قابلية التنفيذ والقيمة الربحية للمشاريع المقترحة، فيما يكتفي دور وزارة الخارجية بالمصادقة على مدى متانة العلاقات الصينية مع البلد المستفيد. اما وزارة المالية فتقوم بإدراج المساعدات في الميزانيات القادمة وتوفير السيولة اللازمة.في حال مصادقة وزارة التجارة على المساعدات المقترحة من رئاسة الحكومة، تناط مهمة تفعيل المساعدات الى ثلاثة بنوك احدثت خصيصا لهذا الغرض، وهي بنك التصدير والاستيراد (EXIM Bank)،بنك التنمية الصيني (China Development Bank)، وبنك التنمية الفلاحية الصيني (China Agriculture Development Bank). تقوم هذه البنوك بإطلاق مناقصات تشارك فيها شركات حكومية وخاصة، صينية بالأساس ومن مختلف المقاطعات والتي يناط اليها تنفيذ مشاريع المساعدات في الدول المستفيدة.
كيف يستطيع المغرب الحصول على هذه الاستثمارات؟
تتجه الحكومة الصينية الى سلك المسطرة أعلاه في تدبير جميع الاستثمارات الخارجية، ويمكن ذلك ان تتحكم في التوجهات الكبرى للاقتصاد الصيني.بالنسبة للمغرب، لقد تم تجاوز مرحلة مصادقة الخارجية الصينية على متانة العلاقات الثنائية خاصة بعد الزيارة التاريخية لجلالة الملك في مايو 2016. في الوقت الراهن يجب على الوزارات والمصالح المغربية المعنية بالتعاون مع الصين ان تتعامل مباشرة مع وزارة التجارة، وبتنسيق مع هذه الاخيرة يتم ربط الاتصال مع مختلف المقاطعات الصينية كلا حسب تفوقه في مجال معين.وتبقى هذه المسطرة في الوقت الراهن الوحيدة التي يمكن بها الحصول على استثمارات مهمة من الصين والاستفادة من خبرات الشركات الصينية.